الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أحدها : أن هذا ممنوع ، والذي هو مشتق من الجمع إنما هو من باب الياء من المعتل ، من قرى يقري ، كقضى يقضي ، والقرء من المهموز من بنات الهمز ، من قرأ يقرأ ، كنحر ينحر ، وهما أصلان مختلفان فإنهم يقولون : قريت الماء في الحوض أقريه ، أي : جمعته ، ومنه سميت القرية ، ومنه قرية النمل : للبيت الذي تجتمع فيه ؛ لأنه يقريها ، أي يضمها ويجمعها . وأما المهموز ، فإنه من الظهور والخروج على وجه التوقيت والتحديد ، ومنه قراءة [ ص: 564 ] القرآن ؛ لأن قارئه يظهره ويخرجه مقدارا محدودا لا يزيد ولا ينقص ، ويدل عليه قوله : ( إن علينا جمعه وقرآنه ) [ القيامة : 17 ] ، ففرق بين الجمع والقرآن . ولو كانا واحدا ، لكان تكريرا محضا ؛ ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ) [ القيامة : 18 ] ، فإذا بيناه ، فجعل قراءته نفس إظهاره وبيانه ، لا كما زعم أبو عبيدة أن القرآن مشتق من الجمع .

ومنه قولهم : ما قرأت هذه الناقة سلى قط ، وما قرأت جنينا هو من هذا الباب ، أي ما ولدته وأخرجته وأظهرته ، ومنه : فلان يقرؤك السلام ، ويقرأ عليك السلام ، هو من الظهور والبيان ، ومنه قولهم : قرأت المرأة حيضة أو حيضتين ، أي : حاضتهما ؛ لأن الحيض ظهور ما كان كامنا ، كظهور الجنين ، ومنه : قروء الثريا ، وقروء الريح : وهو الوقت الذي يظهر المطر والريح ، فإنهما يظهران في وقت مخصوص ، وقد ذكر هذا الاشتقاق المصنفون في كتب الاشتقاق ، وذكره أبو عمرو وغيره ، ولا ريب أن هذا المعنى في الحيض أظهر منه في الطهر .

التالي السابق


الخدمات العلمية