الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          الثاني : شرط من مصلحة العقد كاشتراط صفة في الثمن كتأجيله أو الرهن أو الضمين به أو صفة في المبيع نحو كون العبد كاتبا أو خصيا أو صانعا أو مسلما ، والأمة بكرا ، والدابة هملاجة ، والفهد صيودا ؛ فيصح ، فإن وفى به وإلا فلصاحبه الفسخ ، وإن شرطها ثيبا كافرة فبانت بكرا مسلمة ، فلا فسخ له ويحتمل أن له الفسخ ؛ لأن له فيه قصدا ، وإن شرط الطائر مصوتا ، أو أنه يجيء معلومة صح ، وقال القاضي : لا يصح .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( الثاني : شرط من مصلحة العقد كاشتراط صفة في الثمن كتأجيله ) أو بعضه قاله أحمد ، ولا بد أن يكون إلى مدة معلومة كالخيار ( أو الرهن أو الضمين به ) والمراد إذا كانا معينين ، وليس له طلبهما بعد العقد لمصلحة ، ويلزم بتسليم رهن المعين إن قيل بلزوم بالعقد ( أو صفة في المبيع ) مقصودة ( نحو كون العبد كاتبا أو خصيا أو صانعا ) أو فحلا قاله في " الوجيز " و " الفروع " ( أو مسلما ، والأمة بكرا ) أو حائضا نص عليه ، فإن لم تحض ، فقال ابن شهاب : إن كانت صغيرة فليس بعيب ؛ لأنه يرجى زواله بخلاف الكبيرة ؛ [ ص: 52 ] لأنها إن لم تحض طبعا ففقده يمنع النسل ، وإن كان لكبر فعيب ؛ لأنه ينقص الثمن ( والدابة هملاجة ) أي : ماشية ، إذ الهملجة مشية معروفة ، وهو فارسي معرب ( والفهد صيودا ) والأرض خراجها كذا ، ذكره القاضي ( فيصح ) اشتراط ذلك ؛ لأن الرغبات تختلف باختلاف ذلك ، فلو لم يصح اشتراط ذلك لفاتت الحكمة التي شرع لأجلها البيع ، يؤيده قوله عليه السلام : المسلمون عند شروطهم فعلى هذا يلزم لقوله : ( فإن وفى به ، وإلا فلصاحبه ) وهو المشتري ( الفسخ ) لأنه شرط وصفا مرغوبا فيه ، فصار مستحقا ، كما لو ظهر المبيع معيبا ، فإذا يرجع بالثمن ، وظاهره أنه لا أرش له مع الإمساك ، وهو ظاهر الخرقي والقاضي ، والأكثر إلحاقا له بالتدليس ، وذكر المجد في محرره و " الفروع " أنه إذا أمسك فله أرش فقد الصفة إلحاقا له بالعيب ، وقيل : مع تعذر الرد ، وفي " المنتخب " هل يبطل بيع ببطلان رهن فيه كجهالة الثمن أم لا كمهر في نكاح فيه احتمالان ( وإن شرطها ثيبا كافرة فبانت بكرا مسلمة فلا فسخ له ) لأنه زاده خيرا ، كما لو شرط الغلام كاتبا ، فإذا هو أيضا عالم ، وليس المراد اجتماع الوصفين ، بل متى شرط أحدهما : فبان بخلافه كفى ( ويحتمل ) هذا قول في المذهب ( أن له الفسخ ؛ لأن له فيه قصدا ) صحيحا ، إذ المشتري قد لا يطيق وطء البكر ، وطالب الكافرة أكثر لصلاحيتها للمسلمين وغيرهم وليستريح من تكليفها بالعبادات ، وقال أبو بكر : إذا شرطه كافرا ، فلم يكن فلا فسخ كاشتراط الحمق ونحوه ، فلو كانت مقصودة ، كما لو شرط في الأمة سبطة فبانت جعدة ، أو جاهلة فبانت عالمة ، فلا خيار له ؛ لأنه زاده خيرا فدل على أنه إذا [ ص: 53 ] شرطها جعدة فبانت سبطة أن له الخيار ، وقاله في " عيون المسائل " لأنه عيب .

                                                                                                                          تنبيه : يصح شرط كون الشاة لبونا ، أو غزيرة اللبن لا أنها تحلب كل يوم قدرا معينا ؛ لأنه يختلف ، وكذا يصح شرطها حاملا ؛ لأنه يمكن الوفاء به كالصناعة ، وقال القاضي : قياس المذهب لا يصح ، فلو شرطها حائلا فبانت بخلافه فسخ في الأمة ؛ لأنه عيب لا في غيرها ؛ لأنه زيادة ، وقيل : ويفسخ في غيرها ؛ لأنه قد يريدها لسفر ، أو لحمل شيء لا يتمكن منه مع الحمل ، فلو شرط أنها لا تحمل فهو فاسد .

                                                                                                                          ( وإن شرط الطائر مصوتا ) أو يبيض أو الديك يوقظه للصلاة ( أو أنه يجيء معلومة ) كمصر ، والشام ( صح ) جزم به في " الوجيز " لأن في تصويته قصدا صحيحا ، وهو عادة فيه كالهملاجة ، وكذا مجيئه لنقل الأخبار وحمل الكتب ( وقال القاضي : لا يصح ) لأنه غير معلوم فصار كالأجل المجهول ، ولأنه تعذيب له أشبه ما لو شرط الكبش مناطحا ، وأطلق الخلاف في " الفروع " ، وجزم في " المحرر " بعدم الصحة في الطائر إذا شرطه مصوتا ، وفي " الشرح " لا يصح اشتراط كون الديك يوقظه للصلاة ؛ لأنه لا يمكن الوفاء به ،

                                                                                                                          فرع : لو أخبره البائع بالصفة وصدقه بلا شرط ، فلا خيار له ، ذكره أبو الخطاب في المصراة ، ويتوجه عكسه قاله في " الفروع " .




                                                                                                                          الخدمات العلمية