الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
623 - وعن عبيد الله بن عدي بن الخيار - رضي الله عنه - أنه دخل على عثمان وهو محصور ، فقال : إنك إمام عامة ، ونزل بك ما ترى ، ويصلي لنا إمام فتنة ، ونتحرج فقال : الصلاة أحسن ما يعمل الناس ، فأحسن معهم ، وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم . رواه البخاري .

التالي السابق


623 - ( وعن عبيد الله بن عدي بن الخيار ) : يعد في التابعين ، قاله المؤلف . وقال الطيبي : قرشي زهري ، وقيل ثقفي ( أنه دخل على عثمان وهو ) : أي عثمان : ( محصور ) أي : محبوس في داره ، حصره أهل الفتنة من قبل اختلاط فسقة اجتمعوا عليه من مصر وغيرها لإرادة خلعه أو قتله ، لما زعموا من أمره بقتل محمد بن أبي بكر ، وغير ذلك بما هو بريء منه ( فقال ) أي : عبيد الله ( إنك إمام عامة ) : أي : أنت خليفة وإمام المسلمين لإجماع أهل الشورى وغيرهم على إمامته ( ونزل بك ما ترى ) : أي : من البلاء ( ويصلي لنا إمام فتنة ) : أي : ويصلي بنا غيرك لأجل هذه الفتنة . قال الأبهري : وهو كنانة بن بشر ( ونتحرج ) : أي : نتحرز ونجتنب أن نصلي مع إمام الفتنة . قال الطيبي : التحرج التأثم ( فقال ) : أي : عثمان ( الصلاة أحسن ما يعمل الناس ) : أي : أفضل أعمال المسلمين ( فإذا أحسن الناس فأحسن معهم ، وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم ) : أي : لا الصلاة التي هي أحسن أنواع الإحسان معهم . قال الطيبي . يريد إمام الفتنة من أثار الفتنة وحصر أمير المؤمنين في بيته ، والمراد بإمامة العامة الإمامة الكبرى وهي الخلافة ، وبإمامة الفتنة الإمامة الصغرى وهي الإمامة في الصلاة فحسب ، وفي إيقاع إمام فتنة في مقابل إمام عامة إشارة إلى حقية إمامته وإجماع الناس عليها ، وبطلان من ينأويه ، ثم انظر إلى إنصاف أمير المؤمنين بما أجاب وأثبت لهم الإحسان ، وأمر بمتابعة إحسانهم والاجتناب عن إساءتهم ، وأخرج الجملة مخرج العموم حيث وضع الناس موضع ضميرهم ، وفيه دليل على جواز الصلاة خلف الفرقة الباغية وكل فاجر ( رواه البخاري ) .




الخدمات العلمية