الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        ( فإن تزوج الذمي ذمية على خمر أو خنزير ثم أسلما أو أسلم أحدهما فلها الخمر والخنزير ) ومعناه إذا كانا بأعيانهما والإسلام قبل القبض وإن كان بغير أعيانهما فلها في الخمر القيمة وفي الخنزير مهر المثل ، وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله ، وقال أبو يوسف رحمه الله : لها مهر المثل في الوجهين ، وقال محمد : لها القيمة في الوجهين . وجه قولهما أن القبض مؤكد للملك في المقبوض فيكون له شبه بالعقد فيمتنع بسبب الإسلام كالعقد وصار كما إذا كانا بغير أعيانهما وإذا التحقت حالة القبض بحالة العقد ; فأبو يوسف رحمه الله يقول : لو كانا مسلمين وقت العقد يجب مهر المثل فكذا هاهنا ، ومحمد رحمه الله يقول : صحت التسمية لكون المسمى عندهم إلا أنه امتنع التسلم للإسلام ، فتجب القيمة كما إذا هلك العبد المسمى قبل القبض . ولأبي حنيفة رحمه الله أن الملك في الصداق المعين يتم بنفس العقد ، ولهذا تملك التصرف فيه وبالقبض ينتقل من ضمان الزوج إلى ضمانها وذلك لا يمتنع بالإسلام كاسترداد الخمر المغصوبة ، وفي غير المعين القبض يوجب ملك العين فيمتنع بالإسلام بخلاف المشتري ; لأن ملك التصرف فيه إنما يستفاد بالقبض .

                                                                                                        وإذا تعذر القبض في غير المعين لا تجب القيمة في الخنزير ; لأنه من ذوات القيم فيكون أخذ قيمته كأخذ عينه ولا كذلك الخمر ; لأنها من ذوات الأمثال ; ألا ترى أنه لو جاء بالقيمة قبل الإسلام تجبر على القبول في الخنزير دون الخمر ; ولو طلقها قبل الدخول بها فمن أوجب مهر المثل أوجب المتعة ، ومن أوجب القيمة أوجب نصفها والله أعلم .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية