الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومنها ) لو باعه سلعة بنقد معين ثم أتاه به فقال هذا الثمن وقد خرج معيبا وأنكر المشتري ، فيه ثلاث طرق : أحدها إن قلنا النقود تتعين بالتعين فالقول قول المشتري لأنه يدعي عليه استحقاق الرد والأصل عدمه ، وإن قلنا لا يتعين فوجهان :

أحدهما : القول قول المشتري أيضا لأنه أقبض في الظاهر ما عليه .

والثاني : قول القابض لأن الثمن في ذمته والأصل اشتغالها به إلا أن يثبت براءتها منه وهذه طريقة السامري في المستوعب .

والطريقة الثانية : إن قلنا النقود لا تتعين فالقول قول البائع وجها واحدا لأنه قد ثبت اشتغال ذمة المشتري بالثمن ولم يثبت براءتها منه ، وإن قلنا تتعين فوجهان مخرجان من الروايتين فيما إذا ادعى كل من المتبايعين أن العيب حدث عنده في السلعة أحدهما القول قول البائع لأنه يدعي سلامة العقد والأصل عدمه ، ويدعي عليه ثبوت الفسخ والأصل عدمه .

والثاني : قول القابض لأنه منكر التسليم والأصل عدمه وهذه طريقة القاضي في بعض تعاليقه وجزم صاحب المغني والمحرر بأن القول قول البائع إذا أنكر أن يكون المردود بالعيب هو المبيع ولم يحكيا خلافا . ولا فصل بين أن يكون المبيع في الذمة أو معينا نظرا إلى أنه يدعي عليه استحقاق الرد والأصل عدمه .

وذكر الأصحاب مثل ذلك في مسائل الصرف وفرق السامري في فروقه بين أن يكون المردود بعيب وقع عليه معينا فيكون القول قول البائع وبين أن يكون في الذمة فيكون القول قول المشتري لما تقدم .

وهذا فيما إذا أنكر المدعى عليه العيب أن ماله كان معيبا أما إن اعترف بالعيب فقد فسخ صاحبه وأنكر أن يكون هذا هو المعين فالقول قول من هو في يده صرح به في التفليس في المغني معللا بأنه قبل استحقاق ما ادعى عليه الآخر ، والأصل معه ويشهد له أن المبيع في مدة الخيار إذا رده المشتري بالخيار فأنكر البائع أن يكون هو المبيع فالقول قول المشتري حكاه ابن المنذر عن أحمد لاتفاقهما على استحقاق الفسخ بالخيار ، وبذلك وجهه صاحب المغني وقد ينبني على ذلك أن المبيع بعد الفسخ بعيب ونحوه هل هو أمانة في يد المشتري أو مضمون عليه وفيه خلاف سبق ذكره . فإن الأمانات القول قول من هي في يده مع الاختلاف في عينها وقد نص عليه أحمد في الرهن ، ولذلك نص في اختلاف المتبايعين في عين المبيع المعين قبل قبضه أن القول قول البائع وقد يكون مأخذه أنه أمانة عنده ومن الأصحاب من علل بأن الأصل براءة ذمة البائع مما يدعي عليه فهو كما أقر بعين لرجل ثم أحضرها فأنكر المقر له أن تكون هي المقر بها فإن القول قول المقر مع يمينه

التالي السابق


الخدمات العلمية