الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) : وإذا خاف الرجل وهو صائم إن هو لم يفطر تزداد عينه وجعا أو تزداد حماه شدة فينبغي أن يفطر ; لأن الله تعالى رخص للمريض في الفطر بقوله { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } وهذا مريض ; لأن وجع العين نوع مرض والحمى كذلك ثم إن الله تعالى بين المعنى فيه فقال : { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } وفي إيجاب أداء الصوم مع هذا الخوف عسر فينبغي له أن يأخذ باليسر فيه ويترخص بالفطر قال : صلى الله عليه وسلم { إن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه } وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى كل من كان له أن يفطر في يوم فأفطر فيه بعد ما صام فلا كفارة عليه ، وهذا قول أصحابنا جميعا ; لأن صوم اليوم الواحد لا يتجزأ وجوبا كما لا يتجزأ أداء فإذا لم يكن الأداء واجبا في جزء من النهار لا تتكامل الجناية بالفطر فيه ; ولأن الكفارة في رمضان تسقط بالشبهة ، ولهذا لا تجب على المتسحر الذي لا يعلم بطلوع الفجر ، وعلى المفطر الذي يرى أن الشمس قد غابت ولم تغب وإباحة الفطر له في جزء من اليوم يكون شبهة قوية في المحل فإنه ينعدم بها استحقاق الأداء ولا شبهة أقوى من ذلك ، والشبهة في المحل مسقطة للكفارة سواء علم بها أو لم يعلم ألا ترى أن من وطئ جارية ابنه لا يلزمه الحد سواء علم بالحرمة أو لم يعلم لشبهة في المحل باعتبار أن مال الولد مضاف إلى والده شرعا وبيان هذا الأصل أنه إذا أصبح مريضا أو مسافرا في أول النهار ، ونوى الصوم ثم برأ من مرضه أو صار مقيما ثم أفطر فلا كفارة عليه ; لأنه كان له أن يفطر في أول النهار وكذلك لو كان صحيحا مقيما في أول النهار ثم مرض في آخره فأفطر ; لأنه لما عجز عن الصوم بسبب المرض صار الفطر مباحا له .

التالي السابق


الخدمات العلمية