الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وإذ قال إبراهيم رب [ 126 ]

                                                                                                                                                                                                                                        نداء مضاف . ( اجعل هذا ) سؤال ولفظه الأمر إلا أنه استعظم أن يقال له أمر . وارزق أهله من الثمرات مفعول من آمن بدل من " أهل " وهذا بدل البعض من الكل قال ومن كفر " من " في موضع نصب ، والتقدير : وارزق من كفر . ودل على الفعل المحذوف " فأمتعه " ، ويجوز أن تكون " من " للشرط ، وتكون في موضع نصب ، ويضمر الفعل بعدها . ويجوز أن تكون في موضع رفع بالابتداء ، والخبر " فأمتعه " .

                                                                                                                                                                                                                                        وفي قراءة أبي : ( فنمتعه قليلا ثم نضطره ) ، وفي قراءة يحيى بن وثاب : ( فإمتعه قليلا ثم إضطره ) بكسر الهمزة ورفع الفعل على لغة من قال : أنت [ ص: 261 ] تضرب ، وروي عن ابن محيصن : أنه كان يدغم الضاد في الطاء . قال أبو جعفر : وذا لا يجوز ؛ لأن في الضاد تفشيا فلا تدغم في شيء ، ولكن يجوز أن تدغم الطاء فيها ، كما قالوا : " اضجع " ، و " فمن اضر " . وحدثنا أحمد بن شعيب بن علي قال : أخبرني عمران بن بكار قال : حدثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي قال : حدثنا شعيب بن إسحاق ، عن هارون ، عن حنظلة ، عن الحارث بن أبي ربيعة قال : ( ومن كفر فأمتعه قليلا ثم اضطره ) . قال أبو جعفر : وهذا على السؤال والطلب ، والأصل : اضطرره ثم أدغم ففتح لالتقاء الساكنين لخفة الفتحة ، ويجوز الكسر . قال أبو جعفر : وهذه القراءة شاذة ، ونسق الكلام والتفسير جميعا يدلان على غيرها ، أما نسق الكلام ؛ فإن الله - جل وعز - خبر عن إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : رب اجعل هذا بلدا آمنا ثم جاء بقوله ولم يفصل بينه بقال ، ثم قال فكان هذا جوابا من الله - جل وعز - ، ولم يقل بعد : قال إبراهيم

                                                                                                                                                                                                                                        وأما التفسير ؛ فقد صح عن ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، ومحمد بن كعب - وهذا لفظ ابن عباس - : " دعا إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - لمن آمن دون الناس خاصة ، فأعلم الله - جل وعز - أنه يرزق من كفر كما يرزق من آمن ، وأنه يمتعه قليلا ، ثم يضطره إلى عذاب النار " .

                                                                                                                                                                                                                                        قال أبو جعفر : وقال الله - جل وعز - : كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وقال : وأمم سنمتعهم وقال أبو إسحاق : إنما علم إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - أن في ذريته كفارا ، فخص المؤمنين ؛ لأن الله - جل وعز - قال له : لا ينال عهدي الظالمين

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية