الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو تذكر ) الإمام أو المنفرد التشهد الأول الذي نسيه أو علم به وقد تركه جهلا ( قبل انتصابه ) بالمعنى السابق ( عاد ) ندبا ( للتشهد ) لأنه لم يتلبس بفرض ( ويسجد ) للسهو ( إن صار إلى القيام أقرب ) منه إلى القعود لأن ما فعله مبطل مع تعمده وعلم تحريمه بخلاف ما إذا كان إلى القعود أقرب أو إليهما على السواء لعدم بطلان تعمده بقيده الآتي وجرى في المجموع وغيره على ما عليه الأكثرون أنه لا يسجد مطلقا واعتمده الإسنوي وغيره ومع ذلك الأوجه الأول وعليه فالسجود للنهوض مع العود ؛ لأن تعمدهما مبطل كما قال ( ولو نهض ) من ذكر عن التشهد الأول ( عمدا ) أي قاصدا تركه ، وهذا قسيم لقوله ولو نسي ( فعاد ) له عمدا ( بطلت ) صلاته بتعمده ذلك ( إن كان إلى القيام أقرب ) لزيادة ما غير نظمها بخلاف ما إذا كان للقعود أقرب أو إليهما على السواء .

                                                                                                                              وهذا مبني على ما قبله فعلى مقابله المذكور عن الأكثرين لا بطلان ، وإن كان للقيام أقرب [ ص: 184 ] لكن بقيده الآتي ويوجه مع ما فيه بأنه متى لم يبلغ القيام لم يتلبس بالفرض فجاز له العود للتشهد ، وإن كان قد نوى تركه ( تنبيه ) في المجموع أن محل هذا التفصيل في البطلان إن قصد بالنهوض ترك التشهد ثم بدا له العود إليه فعاد له ؛ لأن نهوضه حينئذ جائز أما لو زاد هذا النهوض عمدا لا لمعنى فإن صلاته تبطل بذلك لإخلاله بنظمها ا هـ وبه يعلم ما في قول غير واحد السابق ؛ لأن تعمدهما مبطل ؛ لأنهم إن أرادوا القسم الأول أعني ما إذا قام تاركا للتشهد فالمبطل العود لا غير لما تقرر أن النهوض جائز أو الثاني أعني ما إذا تعمد زيادة النهوض لا لمعنى أبطل مجرد خروجه عن اسم القعود ، وإن كان إليه أقرب لإخلاله بالنظم حينئذ فإن قلت يمكن حمل عبارة أولئك على ما إذا نهض بنية أنه إذا وصل للقرب من القيام عاد قلت بعيد بل الذي ينبغي في هذه أنه كتعمد النهوض لا لمعنى فيبطل بمجرد خروجه عن اسم القعود ، ولو ظن مصلي فرض جالسا أنه تشهد فقرأ في الثالثة لم يعد للتشهد ؛ لأن القعود بدل عن القيام فهو كما لو قام وترك التشهد الأول لا يعود بخلاف ما إذا سبقه لسانه بالقراءة وهو ذاكر لأن تعمدها كتعمد القيام وسبق اللسان إليها غير معتد به كذا قالوه .

                                                                                                                              وقضيته بل صريحه البطلان هنا في الأول ووجهه ما تقرر أن هذا القعود بعد تعمد القراءة بدل عن القيام فصار عوده بعدها للتشهد كعوده للتشهد بعد قيامه عنه فلا يشكل ذلك بعدم البطلان بقطعه الفاتحة للافتتاح أو للتشهد في القيام .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : الأوجه الأول ) وهو المعتمد م ر ( قوله : للنهوض مع العود ) أي : لا للنهوض وحده ؛ لأنه غير مبطل بخلاف ما لو قام إمامه إلى خامسة ناسيا ففارقه بعد بلوغه حد الراكعين حيث يسجد للسهو ؛ لأن تعمد نهوض الإمام هذا مبطل ( قوله : بخلاف ما إذا كان إلخ ) سكت هنا عن السجود وقياس قوله السابق في نظيره في [ ص: 184 ] السهو بخلاف إلخ عدمه ( قوله عمدا لا لمعنى ) أي : كأن أتى به قاصدا الرجوع عنه إلى الجلوس ، ثم القيام بعده ( قوله بذلك ) أي : مجرد النهوض ( قوله : فالمبطل العود لا غير ) قد يجاب بأن هذا لا يمنع صحة نسبة الإبطال إلى المجموع ( قوله عن اسم القعود ) بل ينبغي البطلان بمجرد الشروع وإن لم يخرج عن اسم القعود ؛ لأن الشروع في المبطل مبطل ، والنهوض مبطل فالشروع فيه شروع في المبطل ( قوله كتعمد النهوض ) بل هذا من تعمد النهوض لا لمعنى بلا تردد ( قوله وهو ذاكر ) كذا في الروض وظاهره عدم العود إذا لم يكن ذاكرا ( قوله غير معتد به ) قد يؤخذ من ذلك أن من سبق لسانه للتعوذ مع تذكره الافتتاح يعود إليه



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله الإمام ) إلى قوله لكن بقيده في النهاية والمغني ( قوله بالمعنى السابق ) أي بأن لم يصل لحد تجزئه فيه القراءة ع ش ( قوله بخلاف ما إذا كان إلى القعود أقرب أو إليهما إلخ ) أي فلا يسجد لسهوه لقلة ما فعله وهذا التفصيل هو المصحح في الشرحين وهو المعتمد ، وإن صحح في التحقيق أنه لا يسجد مطلقا وقال في المجموع إنه الأصح عند الجمهور ومغني ونهاية ومنهج ( قوله بقيده الآتي ) أي في التنبيه عن المجموع ( قوله مطلقا ) أي وإن كان صار إلى القيام أقرب ( قوله الأوجه إلخ ) وفاقا للنهاية والمغني والمنهج ( قوله الأول ) أي التفصيل بين أن يصير إلى القيام أقرب وبين خلافه ع ش ( قوله وعليه ) أي على الأول المعتمد .

                                                                                                                              ( قوله للنهوض مع العود إلخ ) أي لا للنهوض وحده ؛ لأنه غير مبطل بخلاف ما لو قام إمامه إلى خامسة ناسيا وفارقه بعد بلوغه حد الراكعين حيث يسجد للسهو ؛ لأن تعمد نهوض الإمام هذا مبطل سم ومغني ( قوله أي قاصدا تركه ) احترز به عما إذا تعمد زيادة النهوض كأن أتى به قاصدا الرجوع عنه إلى الجلوس ثم القيام بعده فإنه تبطل صلاته بمجرد انفصاله عن اسم القعود لشروعه في مبطل رشيدي و ع ش ( قوله لقوله إلخ ) أي المصنف أولا مغني ( قوله فعاد له عمدا ) أي وعلم تحريمه ( قوله أو إليهما على السواء ) ويكفي في ذلك غلبة الظن ولا سجود عليه لقلة ما فعله ع ش ( قوله وهذا مبني على ما قبله إلخ ) أي وهذا التفصيل مبني على التفصيل المتقدم أيضا مغني ونهاية قال الرشيدي قوله م ر مبني على ما قبله بمعنى أنه مأخوذ منه ومستخرج من حكمه وإلا [ ص: 184 ] ففي الحقيقة أن ذاك ينبني على هذا كما هو ظاهر وإنما قلنا إن المراد هنا بالبناء ما مر ؛ لأن حكم السجود وعدمه المذكور في المتن طريقة القفال وأتباعه توسطا بين وجهين مطلقين أحدهما ما ذكره الشارح عقبه ولم يتعرض القفال لحكم العمد على طريقته فأخذه تلميذه البغوي من كلامه عملا بقاعدة أن ما أبطل عمده يسجد لسهوه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بقيده الآتي ) أي في التنبيه عن المجموع ( قوله ويوجه ) أي عدم البطلان و ( قوله ومع ما فيه ) أي لأن المعتمد خلافه نهاية ومغني ( قوله أن محل التفصيل إلخ ) أي بين أن يصير إلى القيام أقرب وخلافه ( قوله عمدا لا لمعنى ) أي كأن أتى به قاصدا الرجوع عنه إلى الجلوس ثم القيام بعده سم ورشيدي و ع ش ( قوله بذلك ) أي بمجرد النهوض سم ورشيدي و ع ش ( قوله السابق ) أي قبيل قول المصنف ولو نهض إلخ ( قوله لأن تعمدهما مبطل ) بدل من قول غير واحد ( قوله تاركا للتشهد ) أي قاصدا تركه ( قوله فالمبطل العود إلخ ) قد يجاب بأن هذا لا يمنع صحة نسبة الإبطال إلى المجموع سم ( قوله مجرد خروجه عن اسم القعود ) بل ينبغي البطلان بمجرد الشروع وإن لم يخرج عن اسم القعود ؛ لأن الشروع في المبطل مبطل سم ( قوله أولئك ) أي غير الواحد ( قوله كتعمد النهوض ) بل هذا من تعمد النهوض لا لمعنى بلا تردد سم و ع ش ( قوله فيبطل ) أي النهوض بتلك النية وباء بمجرده للملابسة وفي نسخة مصححة فتبطل بالتاء وهي ظاهرة المغني ( قوله ولو ظن ) إلى قوله كذا قالوه في النهاية والمغني إلا قوله فرض ( قوله جالسا ) أي أو مضطجعاع ش ( قوله إن تشهد ) أي التشهد الأول نهاية ( قوله فقرأ في الثالثة ) أي افتتح القراءة في الثالثة نهاية ومغني أي وإن قلت كأن نطق ببسم من بسم الله الرحمن الرحيم ؛ لأن افتتاح القراءة ينزل منزلة القيام ومفهومه أنه لو أتى بالتعوذ مريدا القراءة لا يمتنع عليه العود ع ش .

                                                                                                                              ( قوله بخلاف ما إذا سبقه إلخ ) أي فيجوز له العود إلى قراءة التشهد نهاية ومغني أي ويجوز عدمه وعليه فينبغي إعادة ما قرأه لسبق اللسان وأنه لا يطلب منه سجود السهو ع ش ( قوله وهو ذاكر ) أي أنه لم يتشهد نهاية ومغني قال سم قوله وهو ذاكر كذا في الروض وظاهره عدم العود إذا لم يكن ذاكرا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لأن تعمدها إلخ ) راجع إلى قوله لم يعد و ( قوله وسبق اللسان إلخ ) راجع إلى قوله بخلاف ما سبقه ففي كلامه لف ونشر مرتب والعبارة للروض وشرحه رشيدي ( قوله غير معتد به ) قد يؤخذ من ذلك أن من سبق لسانه للتعوذ مع تذكره الافتتاح يعود إليه سم ( قوله وقضيته إلخ ) العمل بمقتضى هذه القضية لا يخلو عن شيء فليراجع بصري أي فإنه فرق بين الشيء وبدله ( قوله فلا يشكل ذلك إلخ ) أي فإن قطع القولي لنفل لا يغير هيئة الصلاة كما مر أقول بعد تسليم الصراحة مع موافقة الأسنى والنهاية والمغني للشارح فيما حكاه وجزمهم بذلك لا وجه للتوقف .

                                                                                                                              ( قوله في القيام ) يظهر أنه راجع للمعطوف فقط واحترز به عن موضوع المسألة وهو مصلي الفرض جالسا .




                                                                                                                              الخدمات العلمية