الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 84 ] ( ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا ( 35 ) فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا فدمرناهم تدميرا ( 36 ) وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم وجعلناهم للناس آية وأعتدنا للظالمين عذابا أليما ( 37 ) وعادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا ( 38 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا ) معينا وظهيرا . ( فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا ) يعني القبط ، ( فدمرناهم ) فيه إضمار ، أي : فكذبوهما فدمرناهم ، ( تدميرا ) أهلكناهم إهلاكا . ( وقوم نوح لما كذبوا الرسل ) أي : الرسول ، ومن كذب رسولا واحدا فقد كذب جميع الرسل ، فلذلك ذكر بلفظ الجمع . ( أغرقناهم وجعلناهم للناس آية ) يعني : لمن بعدهم عبرة ، ( وأعتدنا للظالمين ) في الآخرة ، ) ( عذابا أليما ) سوى ما حل به من عاجل العذاب . ( وعادا وثمود ) أي : وأهلكنا عادا وثمود ، ) ( وأصحاب الرس ) اختلفوا فيهم ، قال وهب بن منبه : كانوا أهل بئر قعودا عليها ، وأصحاب مواشي ، يعبدون الأصنام ، فوجه الله إليهم شعيبا يدعوهم إلى الإسلام ، فتمادوا في طغيانهم ، وفي أذى شعيب عليه السلام ، فبينما هم حول البئر في منازلهم انهارت البئر ، فخسف بهم وبديارهم ورباعهم ، فهلكوا جميعا . و " الرس " : البئر ، وكل ركية لم تطو بالحجارة والآجر فهو رس . وقال قتادة والكلبي : " الرس " بئر بفلج اليمامة ، قتلوا نبيهم فأهلكهم الله - عز وجل - . وقال بعضهم : هم بقية ثمود قوم صالح ، وهم أصحاب البئر التي ذكر الله تعالى في قوله : " وبئر معطلة وقصر مشيد " ( الحج - 45 ) . وقال سعيد بن جبير : كان لهم نبي يقال له حنظلة بن صفوان فقتلوه فأهلكهم الله تعالى . وقال كعب ومقاتل والسدي : " الرس " : بئر بأنطاكية قتلوا فيها حبيبا النجار ، وهم الذين ذكرهم الله في سورة يس . وقيل : هم أصحاب الأخدود ، [ والرس هو الأخدود ] الذي حفروه . وقال عكرمة : هم قوم رسوا نبيهم في بئر . وقيل : الرس المعدن ، وجمعه رساس . [ ص: 85 ] ( وقرونا بين ذلك كثيرا ) أي : وأهلكنا قرونا كثيرا بين عاد وأصحاب الرس .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية