الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال : ( فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ) وفيه مسألتان :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : الأصحاب قد احتجوا بهذه الآية على جواز غفران ذنوب أصحاب الكبائر وذلك لأن المؤمن المطيع مقطوع بأنه يثاب ولا يعاقب ، والكافر مقطوع بأنه يعاقب ولا يثاب ، وقوله ( فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ) رفع للقطع بواحد من الأمرين ، فلم يبق إلا أن يكون ذلك نصيبا للمؤمن يرثه المذنب بأعماله .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : قرأ عاصم وابن عامر ( فيغفر ، ويعذب ) برفع الراء والباء ، وأما الباقون فبالجزم أما الرفع فعلى الاستئناف ، والتقدير : فهو يغفر ، وأما الجزم فبالعطف على يحاسبكم ونقل عن أبي عمرو أنه أدغم الراء في اللام في قوله : ( يغفر لمن يشاء ) قال صاحب " الكشاف " : إنه لحن ونسبته إلى أبي عمرو كذب ، وكيف يليق مثل هذا اللحن بأعلم الناس بالعربية .

                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال : ( والله على كل شيء قدير ) وقد بين بقوله : ( لله ما في السماوات وما في الأرض ) أنه كامل الملك والملكوت ، وبين بقوله : ( وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ) أنه كامل العلم والإحاطة ، ثم بين بقوله : ( والله على كل شيء قدير ) أنه كامل القدرة مستول على كل الممكنات بالقهر والقدرة والتكوين والإعدام ولا كمال أعلى وأعظم من حصول الكمال في هذه الصفات ، والموصوف بهذه الكمالات يجب على كل عاقل أن يكون عبدا منقادا له ، خاضعا لأوامره ونواهيه محترزا عن سخطه ونواهيه ، وبالله التوفيق .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية