الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا يسجد لما يجب بكل حال إذا زال شكه مثاله شك ) مصلي رباعية ( في الثالثة ) منها باعتبار ما في نفس الأمر إذ الفرض أنه عند الشك جاهل بالثالثة ( أثالثة هي أم رابعة فتذكر فيها ) أي قبل القيام للرابعة أنها ثالثة ( لم يسجد ) إذ ما أتى به مع الشك واجب بكل تقدير ( أو ) تذكر بعد تمام القيام بخلافه قبله ، وإن صار إليه أقرب على ما جرى عليه ابن العماد وغيره مخالفين للإسنوي في اعتماده هذا التفصيل ؛ لأن تعمد صيرورته إليه ليس مبطلا وحده بل مع عوده كذا قالوه وفيه نظر بل لا يصح ؛ لأن الذي بينته في شرح العباب أن الهوي المخرج عن حد القيام في الفرض والنهوض إليه من نحو التشهد الأخير مبطل بمجرده وإن لم يعد لا لكونه زيادة من جنسها فإن شرطها أن تكون على صورة الركن بل لإبطالها الركن ومن ثم صرحوا في الفعلة الفاحشة بأنها إنما أبطلت مع قلتها لما فيها من الانحناء المخرج عن حد القيام .

                                                                                                                              ومر آنفا عن المجموع التصريح بذلك بقوله أما لو زاد هذا النهوض عمدا لا لمعنى فإن صلاته تبطل بذلك لإخلاله بنظمها فهو صريح في أن تعمد نهوض عن جلوس في محله مخرج عن حده مبطل فينبغي السجود لسهوه ، وإن لم يقرب من القيام لما مر أن ما أبطل عمده يسجد لسهوه وبفرض التنزل وعدم القول بهذا فلا أقل من السجود إذا صار إلى القيام أقرب ، وإن لم نقل بذلك فيما مر من النهوض عن التشهد الأول لما مر فيه عن المجموع أن الفرض أن نهوضه جائز وهنا لا يتصور جواز تعمد نهوضه ومما يؤيد تفصيل الإسنوي قول الروضة وإن قام الإمام إلى خامسة ساهيا فنوى المأموم مفارقته بعد بلوغ الإمام في ارتفاعه حد الراكعين سجد المأموم للسهو ، وإن نواها قبله فلا سجود فإن قلت هذا يخالفه ما تقرر الموافق لصريح المجموع وغيره أن المدار على مجاوزة اسم القعود وعدمها لا على القرب من أقل الركوع والمرادف كما هو ظاهر للقرب من القيام فما الجمع ؟ قلت لا جمع بل هو تخالف حقيقي إلا أن يجاب على بعد بأنهم سامحوا في حال السهو فلم يجعلوا ذلك النهوض مقتضيا للسجود ؛ لأنه قد يجوز نظيره كما علم مما مر في التشهد مع عدم الفحش فيه لا في حال العمد لفحشه ( في الرابعة ) في نفس الأمر المأتي بها أن ما قبلها ثالثة ( سجد ) لتردده حال القيام إليها في زيادتها المحتملة فقد أتى بزائد بتقدير فإن تذكر أنها خامسة لزمه الجلوس فورا ويتشهد إن لم يكن تشهد [ ص: 189 ]

                                                                                                                              وإلا لم تلزمه إعادته ثم يسجد للسهو ، ولو شك في تشهده أهو الأول أو الآخر فإن زال شكه فيه لم يسجد ؛ لأنه مطلوب بكل تقدير ولا نظر إلى تردده في كونه واجبا أو نفلا أو بعده وقد قام سجد ؛ لأنه فعل زائد بتقدير

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : في اعتماده هذا التفصيل ) أي : وهو أنه إن صار إلى القيام أقرب سجد وإلا فلا ( قوله : من القيام ) أي : حيث خرج عن مسمى القعود لكن قضية ما يأتي عن الروضة أن مجرد الخروج عن مسمى القعود لا أثر له ، ثم رأيت سؤال الشارح وجوابه الآتيين ( قوله : قول الروضة ) هذا الذي قاله في الروضة صريح ، أو كالصريح [ ص: 189 ] فيما قاله الإسنوي هنا ، وفيما مر في القيام عن التشهد وعبارة الروض وإن قام أي الإمام لخامسة أي ناسيا ففارقه بعد بلوغ حد الراكعين لا قبله سجد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وقد قام ) لو زال شكه قبل قيامه ينبغي أن يجري فيه ما تقدم عن ابن العماد وغيره



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله إذ الفرض إلخ ) تعليل للتقييد بقوله باعتبار ما في نفس الأمر ( قوله على ما جرى عليه إلخ ) اعتمده شيخ الإسلام والمغني و ع ش عبارة المغني وقضية تعبيرهم بقبل القيام أنه لو زال تردده بعد نهوضه وقبل انتصابه لم يسجد إذ حقيقة القيام الانتصاب وما قبله انتقال لا قيام قال شيخنا فقول الإسنوي إنهم أهملوه مردود وكذا قوله والقياس أنه إن صار إلى القيام أقرب سجد وإلا فلا ؛ لأن صيرورته إلى ما ذكر لا تقتضي السجود لأن عمده لا يبطل و إنما يبطل عمده مع عوده كما مر نبه على ذلك ابن العماد ا هـ ومال النهاية كالشارح إلى ما قاله الإسنوي حيث عقب كلام شيخ الإسلام المار آنفا عن المغني بما نصه وما ذكره في الروضة من أن الإمام لو قام لخامسة إلى آخر ما يأتي في الشرح صريح أو كالصريح فيما قاله الإسنوي ا هـ وأقره سم .

                                                                                                                              ( قوله في اعتماده هذا التفصيل ) وهو أنه إن صار إلى القيام أقرب سجد وإلا فلا سم ( قوله لأن تعمد إلخ ) علة لما جرى عليه ابن العماد وغيره ( قوله بل مع عوده ) أي ولا عود هنا ( قوله وفيه نظر ) أي فيما قالوه من عدم السجود في التذكر قبل تمام القيام وإن صار إلى القيام أقرب ( قوله والنهوض إليه ) أي إلى القيام ( قوله بل لإبطالها ) أي تلك الزيادة من الهوي أو النهوض ( قوله بذلك ) أي بإبطال ذلك النهوض ( قوله فهو ) أي قول المجموع ( قوله وإن لم يقرب من القيام ) أي حيث خرج عن مسمى القعود لكن قضية ما يأتي عن الروضة أن مجرد الخروج عن مسمى القعود لا أثر له ثم رأيت سؤال الشارح وجوابه الآتيين سم ( قوله بهذا ) أي بأن تعمد نهوض عن جلوس في محله إلخ ( قوله وإن لم نقل بذلك ) أي بالسجود إذا صار إلى القيام أقرب ( قوله وهنا ) أي في مسألة الشك في ركعة ثالثة إلخ و ( قوله لا يتصور إلخ ) لعل المراد على فرض أن المشكوك فيها رابعة في نفس الأمر ( قوله ومما يؤيد ) إلى قوله فإن قلت في النهاية ( قوله تفصيل الإسنوي ) أي أنه إن صار إلى القيام أقرب وسجد وإلا فلا وظاهر كلامه أي النهاية اعتماده ع ش ( قوله فإن قلت هذا ) أي تفصيل الإسنوي و ( قوله ما تقرر ) أي ما نقله عن شرح العباب و ( قوله أن المدار إلخ ) بيان لما تقرر ( قوله المرادف إلخ ) صفة القرب و ( قوله للقرب إلخ ) متعلق بالمرادف ( قوله ذلك النهوض ) أي المخرج عن حد الجلوس .

                                                                                                                              ( قوله لا في حال العمد إلخ ) أي فأبطلوا به الصلاة ( قوله في نفس الأمر ) إلى قوله ولو شك في تشهده في المغني وإلى قوله فتعين في النهاية ( قوله فقد أتى بزائد بتقدير ) وإنما كان التردد في زيادتها مقتضيا للسجود ؛ لأنها إن كانت زائدة فظاهر وإلا فتردده أضعف النية وأحوج إلى الجبر نهاية ومغني ( قوله ثم يسجد ) قضيته أنه لا بد من الجلوس قبل هويه للسجود ويحتمل أن يكفيه نزوله من القيام ساجدا ؛ لأن التشهد بجلوسه تقدم وجلوسه [ ص: 189 ] للسلام يأتي به بعد سجود السهو فلا معنى لتعين جلوسه قبل السجود ع ش ولعل هذا الاحتمال هو الظاهر ( قوله وإلا ) أي وإن كان قد تشهد في الرابعة وكذا إذا لم يتذكر حتى قرأه في الخامسة مغني ( قوله وقد قام إلخ ) ولو زال شكه قبل قيامه ينبغي أن يجري فيه ما تقدم عن ابن العماد وغيره سم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية