الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل : والذين سعوا في آياتنا فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أن سعيهم فيها بالجحود لها ، قاله الضحاك .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : بالتكذيب بها .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 433 ] معاجزين وقرئ "معجزين" وفي تأويل معاجزين أربعة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : مسابقين ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : مجاهدين ، قاله ابن زيد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : مراغمين مشاقين ، وهو معنى قول ابن عباس وعكرمة .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : أي لا يعجزونني هربا ولا يفوتونني طلبا ، وهو معنى قول الكلبي . وفي تأويل معجزين ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : مثبطين الناس عن اتباع الرسول ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : مضعفين لله أن يقدر عليهم ، قاله بعض المتأخرين .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : معجزين من آمن وصدق بالبعث بإضافة العجز إليه .

                                                                                                                                                                                                                                        ويحتمل رابعا : أنهم نسبوا المؤمنين إلى العجز عن الانتصار لدينهم إما بضعف الحجة وإما بقلة القوة .

                                                                                                                                                                                                                                        أولئك لهم عذاب من رجز أليم قال قتادة : الرجز هو العذاب الأليم .

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل : ويرى الذين أوتوا العلم فيهم قولان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنهم المؤمنون من أهل الكتاب ، قاله الضحاك .

                                                                                                                                                                                                                                        الذي أنزل إليك من ربك هو الحق قال الحسن هو القرآن كله حق .

                                                                                                                                                                                                                                        ويهدي إلى صراط العزيز الحميد فيه قولان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : يهدي إلى دين الله وهو الإسلام ، رواه النواس بن سمعان الأنصاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : إلى طاعة الله وسبيل مرضاته .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 434 ]

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية