الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب إذا أكره حتى وهب عبدا أو باعه لم يجز وقال بعض الناس فإن نذر المشتري فيه نذرا فهو جائز بزعمه وكذلك إن دبره

                                                                                                                                                                                                        6548 حدثنا أبو النعمان حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر رضي الله عنه أن رجلا من الأنصار دبر مملوكا ولم يكن له مال غيره فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من يشتريه مني فاشتراه نعيم بن النحام بثمان مائة درهم قال فسمعت جابرا يقول عبدا قبطيا مات عام أول [ ص: 335 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 335 ] قوله : ( باب إذا أكره حتى وهب عبدا أو باعه لم يجز ) أي ذلك البيع والهبة ، والعبد باق على ملكه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وبه قال بعض الناس قال : فإن نذر المشتري فيه نذرا فهو جائز ) أي ماض عليه ويصح البيع الصادر مع الإكراه وكذلك الهبة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( بزعمه ) أي عنده ، والزعم يطلق على القول كثيرا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وكذلك إن دبره ) أي ينعقد التدبير ، نقل ابن بطال عن محمد بن سحنون قال : وافق الكوفيون الجمهور على أن بيع المكره باطل ، وهذا يقتضي أن البيع مع الإكراه غير ناقل للملك ، فإن سلموا ذلك بطل قولهم إن نذر المشتري وتدبيره يمنع تصرف الأول فيه ، وإن قالوا إنه ناقل فلم خصوا ذلك بالعتق والهبة دون غيرهما من التصرفات؟

                                                                                                                                                                                                        قال الكرماني : ذكر المشايخ أن المراد بقول البخاري في هذه الأبواب " بعض الناس " الحنفية وغرضه أنهم تناقضوا ، فإن بيع الإكراه إن كان ناقلا للملك إلى المشتري فإنه يصح منه جميع التصرفات فلا يختص بالنذر والتدبير ، وإن قالوا ليس بناقل فلا يصح النذر والتدبير أيضا ، وحاصله أنهم صححوا النذر والتدبير بدون الملك ، وفيه تحكم وتخصيص بغير مخصص .

                                                                                                                                                                                                        وقال المهلب : أجمع العلماء على أن الإكراه على البيع والهبة لا يجور معه البيع ، وذكر عن أبي حنيفة إن أعتقه المشتري أو دبره جاز وكذا الموهوب له ، وكأنه قاسه على البيع الفاسد ؛ لأنهم قالوا إن تصرف المشتري في البيع الفاسد نافذ ثم ذكر البخاري حديث جابر في بيع المدبر وقد تقدم شرحه مستوفى في العتق .

                                                                                                                                                                                                        قال ابن بطال : ووجه الرد به على القول المذكور أن الذي دبره لما لم يكن له مال غيره كان تدبيره سفها من فاعله فرد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك ، وإن كان ملكه للعبد كان صحيحا فكان من اشتراه شراء فاسدا ولم يصح له ملكه إذا دبره أو أعتقه أولى أن يرد فعله من أجل أنه لم يصح له ملكه .

                                                                                                                                                                                                        حديث جابر في بيع المدبر قد تقدم شرحه مستوفى في العتق .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية