الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        6558 حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس أنه قال استفتى سعد بن عبادة الأنصاري رسول الله صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه توفيت قبل أن تقضيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقضه عنها وقال بعض الناس إذا بلغت الإبل عشرين ففيها أربع شياه فإن وهبها قبل الحول أو باعها فرارا واحتيالا لإسقاط الزكاة فلا شيء عليه وكذلك إن أتلفها فمات فلا شيء في ماله [ ص: 349 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 349 ] الحديث الرابع : حديث ابن عباس قال " استفتى سعد بن عبادة إلخ " تقدم شرحه قريبا في كتاب الأيمان والنذور ، وقال المهلب : فيه حجة على أن الزكاة لا تسقط بالحيلة ولا بالموت ، لأن النذر لما لم يسقط بالموت - والزكاة أوكد منه - كانت لازمة لا تسقط بالموت أولى ، لأنه لما ألزم الولي بقضاء النذر عن أمه كان قضاء الزكاة التي فرضها الله أشد لزوما .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال بعض الناس : إذا بلغت الإبل عشرين ففيها أربع شياه ، فإن وهبها قبل الحول أو باعها فرارا أو احتيالا لإسقاط الزكاة فلا شيء عليه ، وكذلك إن أتلفها فمات فلا شيء عليه في ماله ) تقدمت المنازعة في صورة الإتلاف قريبا ، وأجاب بعض الحنفية بأن المال إنما تجب فيه الزكاة ما دام واجبا في الذمة أو ما يتعلق به من الحقوق ، وهذا الذي مات لم يبق في ذمته شيء يجب على ورثته وفاؤه ، والكلام إنما هو في حل الحيلة لا في لزوم الزكاة إذا فر .

                                                                                                                                                                                                        قلت : وحرف المسألة أنه إذا قصد ببيعها الفرار من الزكاة أو بهبتها الحيلة على إسقاط الزكاة ومن قصده أن يسترجعها بعد كما تقدم فهو آثم بهذا القصد لكن هل يؤثر هذا القصد في إبقاء الزكاة في ذمته أو يعمل به مع الإثم؟ هذا محز الخلاف ، قال الكرماني : ذكر البخاري في هذا الباب ثلاثة فروع يجمعها حكم واحد وهو أنه إذا زال ملكه عما تجب فيه الزكاة قبل الحول سقطت الزكاة سواء كان لقصد الفرار من الزكاة أم لا ، ثم أراد بتفريعها عقب كل حديث التشنيع بأن من أجاز ذلك خالف ثلاثة أحاديث صحيحة ، انتهى .

                                                                                                                                                                                                        ومن الحيل في إسقاط الزكاة أن ينوي بعروض التجارة القنية قبل الحول فإذا دخل الحول الآخر استأنف التجارة حتى إذا قرب الحول أبطل التجارة ونوى القنية وهذا يأثم جزما ، والذي يقوى أنه لا تسقط الزكاة عنه ، والعلم عند الله تعالى .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية