الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن غسل ) الميت ( بغير نية أجزأ ) أي لطهارته لا لإسقاط الفرض عن ذمة المكلفين [ ص: 200 ] ( و ) لذا قال ( لو وجد ميت في الماء فلا بد من غسله ثلاثا ) لأنا أمرنا بالغسل فيحركه في الماء بنية الغسل ثلاثا فتح وتعليله يفيد أنهم لو صلوا عليه بلا إعادة غسله صح ، وإن لم يسقط وجوبه عنهم فتدبر . وفي الاختيار الأصل فيه تغسيل الملائكة لآدم عليه السلام وقالوا لولده هذه سنة موتاكم .

التالي السابق


( قوله : ولذا ) أي لكون النية ليست شرطا لصحة الطهارة بل شرط لإسقاط الفرض عن المكلفين ( قوله : فلا بد ) أي في تحصيل الغسل المسنون ، وإلا فالشرط مرة ، وكأنه يشير بلا بد إلى أنه بوجوده في الماء لم يسقط غسله المسنون فضلا عن الشرط تأمل ( قوله وتعليله ) أي تعليل الفتح بقوله لأنا أمرنا إلخ أي ولم يقل في التعليل لأنه لم يطهر ط . [ تنبيه ]

اعلم أن حاصل الكلام في المقام أنه قال في التجنيس : ولا بد من النية في غسله في الظاهر . وفي الخانية : إذا جرى الماء على الميت ، أو أصابه المطر عن أبي يوسف أنه لا ينوب عن الغسل لأنا أمرنا بالغسل ، وذلك ليس بغسل وفي النهاية والكفاية وغيرهما أنه لا بد منه إلا أن يحركه بنية الغسل ، وقال في العناية : وفيه نظر لأن الماء مزيل بطبعه وكما لا تجب النية في غسل الحي فكذا الميت ; ولذا قال في الخانية : ميت غسله أهله من غير نية الغسل أجزأهم ذلك ا هـ .

وصرح في التجريد والإسبيجابي والمفتاح بعدم اشتراطها أيضا ووفق في فتح القدير بقوله : الظاهر اشتراطها فيه لإسقاط وجوبه عن المكلف لا لتحصيل طهارته هو وشرط صحة الصلاة عليه . ا هـ .

وبحث فيه شارح المنية بأن ما مر عن أبي يوسف يفيد أن الفرض فعل الغسل منا ، حتى لو غسله لتعليم الغير كفى وليس فيه ما يفيد اشتراط النية لإسقاط الوجوب بحيث يستحق العقاب بتركها . وقد تقرر في الأصول أن ما وجب لغيره من الأفعال الحسية يشترط وجوده لا إيجاده كالسعي والطهارة نعم لا ينال ثواب العبادة بدونها ا هـ وأقره الباقاني وأيده بما في المحيط لو وجد الميت في الماء لا بد من غسله لأن الخطاب يتوجه إلى بني آدم ولم يوجد منهم فعل . ا هـ .

فتلخص : أنه لا بد في إسقاط الفرض من الفعل ، وأما النية فشرط التحصيل الثواب ; ولذا صح تغسيل الذمية زوجها المسلم مع أن النية شرطها الإسلام فيسقط الفرض عنا بفعلنا بدون نية ، وهو المتبادر من قول الخانية أجزأهم ذلك . بقي قول المحيط لأن الخطاب يتوجه إلى بني آدم ظاهره أنه لا يسقط بفعل الملك . ويرد عليه قصة حنظلة غسيل الملائكة . وقد قال : إن فعلهم ذلك كان بطريق النيابة تأمل وسيأتي تحقيقه في باب الشهيد . هذا وقد صرح في أحكام الصغار بأن الصبي إذا غسل الميت جاز ا هـ ومثله ما سنذكره عن البدائع أنه لو ماتت امرأة من بين رجال ومعهم صبي غير مشته علموه الغسل ليغسلها وبه علم أن البلوغ غير شرط ( قوله وفي الاختيار إلخ ) استفيد منه أنه شريعة قديمة ، وأنه يسقط وإن لم يكن الغاسل مكلفا ; ولذا لم يعد أولاد أبينا آدم عليه السلام غسله ط




الخدمات العلمية