الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( وأما ) صاحبة العادة في الحيض إذا كانت عادتها عشرة فزاد الدم عليها فالزيادة استحاضة ، وإن كانت عادتها خمسة فالزيادة عليها حيض معها إلى تمام العشرة لما ذكرنا في المبتدأة بالحيض ، وإن جاوز العشرة فعادتها حيض ، وما زاد عليها استحاضة لقول النبي صلى الله عليه وسلم {المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها } أي : أيام حيضها ، ولأن ما رأت في أيامها حيض بيقين ، وما زاد على العشرة استحاضة بيقين ، وما بين ذلك متردد بين أن يلحق بما قبله فيكون حيضا ، فلا تصلي ، وبين أن يلحق بما بعده فيكون استحاضة فتصلي ، فلا تترك الصلاة بالشك ، وإن لم يكن لها عادة معروفة بأن كانت ترى شهرا ستا ، وشهرا سبعا فاستمر بها الدم فإنها تأخذ في حق الصلاة ، والصوم ، والرجعة بالأقل ، وفي حق انقضاء العدة ، والغشيان بالأكثر فعليها إذا رأت ستة أيام في الاستمرار أن تغتسل في اليوم السابع لتمام السادس ، وتصلي فيه ، وتصوم إن كان دخل عليها شهر رمضان لأنه يحتمل أن يكون السابع حيضا .

                                                                                                                                ويحتمل أن لا يكون فدار الصلاة ، والصوم بين الجواز منها ، والوجوب عليها في الوقت فيجب ، وتصوم رمضان احتياطا لأنها إن فعلت ، وليس عليها أولى أن تترك ، وعليها ذلك ، وكذلك تنقطع الرجعة ، لأن ترك الرجعة مع [ ص: 42 ] ثبوت حق الرجعة أولى من إثباتها من غير حق الرجعة .

                                                                                                                                وأما في انقضاء العدة ، والغشيان فتأخذ بالأكثر لأنها إن تركت التزوج مع جواز التزوج أولى من أن تتزوج بدون حق التزوج ، وكذا ترك الغشيان مع الحل أولى من الغشيان مع الحرمة فإذا جاء اليوم الثامن فعليها أن تغتسل ثانيا ، وتقضي اليوم الذي صامت في اليوم السابع ، لأن الأداء كان واجبا ، ووقع الشك في السقوط إن لم تكن حائضا فيه صح صومها ، ولا قضاء عليها ، وإن كانت حائضا فعليها القضاء ، فلا يسقط القضاء بالشك ، وليس عليها قضاء الصلوات لأنها إن كانت طاهرة في هذا اليوم فقد صلت ، وإن كانت حائضا فيه فلا صلاة عليها للحال ، ولا القضاء في الثاني .

                                                                                                                                ولو كانت عادتها خمسة فحاضت ستة ، ثم حاضت حيضة أخرى سبعة ، ثم حاضت حيضة أخرى ستة فعادتها ستة بالإجماع حتى يبنى الاستمرار عليها أما عند أبي يوسف فلأن العادة تنتقل بالمرة الواحدة ، وإنما يبنى الاستمرار على المرة الأخيرة ، لأن العادة انتقلت إليها .

                                                                                                                                وأما عند أبي حنيفة ، ومحمد أيضا فلأن العادة ، وإن كانت لا تنتقل إلا بالمرتين فقد رأت الستة مرتين فانتقلت عادتها إليها هذا معنى قول محمد كلما عاودها الدم في يوم مرتين فحيضها ذلك ، وذكر في الأصل إذا حاضت المرأة في شهر مرتين فهي مستحاضة ، والمراد بذلك أنه لا يجتمع في شهر واحد حيضتان ، وطهران لأن أقل الحيض ثلاثة ، وأقل الطهر خمسة عشر يوما وقد ذكر في الأصل سؤالا وقال أرأيت لو رأت في أول الشهر خمسة ثم طهرت خمسة عشر ، ثم رأت الدم خمسة أليس قد حاضت في شهرين مرتين ، ثم أجاب فقال : إذا ضممت إليه طهرا آخر كان أربعين يوما ، والشهر لا يشتمل على ذلك ، وحكي أن امرأة جاءت إلى علي رضي الله عنه وقالت : إني حضت في شهر ثلاث مرات فقال علي رضي الله عنه لشريح ماذا تقول في ذلك فقال : إن أقامت على ذلك بينة من بطانتها ممن يرضى بدينه ، وأمانته قبل منها فقال علي رضي الله عنه قالون ، وهي بالرومية حسن ، وإنما أراد شريح بذلك تحقيق النفي أنها لا تجد ذلك ، وإن هذا لا يكون كما قال الله تعالى { ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط } أي : لا يدخلونها رأسا .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية