الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                المظنة الرابعة : الخنق من الجن ؛ قال في الكتاب : يوجب الوضوء دون الغسل سواء كان قائما ، أو قاعدا لشدة استيلائه على الحواس ، فلا يفرق بين حالاته ، وقال ابن حبيب : يوجب الغسل إن دام يوما ، أو أياما ، قال الشافعي - رحمه الله - : قيل : ما جن إنسان إلا أنزل .

                                                                                                                المظنة الخامسة : الإغماء يوجب الوضوء ؛ لما سلف قاله في الكتاب .

                                                                                                                المظنة السادسة : ذهاب العقل بالجنون لا بالجن ؛ قال في الكتاب : عليه الوضوء .

                                                                                                                المظنة السابعة : السكر ؛ قال في الكتاب : يوجب الوضوء ، فإن النصوص الموجبة للوضوء من النوم توجبه بطريق الأولى ; لأن هؤلاء لو ردوا لإحساسهم لم يرجعوا بخلاف النائم . المظنة الثامنة : الهم المذهب للعقل بغلبته . قال صاحب الطراز : قال مالك في المجموعة : عليه الوضوء ، قيل له : هو قاعد ، قال : أحب أن يتوضأ ، قال : يحتمل الاستحباب أن يكون خاصا بالقاعد بخلاف المضطجع لتمكنه من الأرض ، ويحتمل أن يكون عاما فيهما ، فهذه ثلاثة وعشرون موجبا للوضوء عندنا . تزييل : وقع بيني وبين بعض فضلاء الشافعية خلاف : هل هذه الأمور نواقض للطهارة ، أو موجبات للوضوء ، والتزمت أنها موجبات .

                                                                                                                [ ص: 234 ] وينبني على الخلاف من لم يحدث قط ، ثم أراد الصلاة ، فإنه مأمور بالوضوء إجماعا ، ويبقى الخلاف في مدرك هذا الوجوب ، فإنا قلنا إن هذه الأمور موجبة ، فسبب هذا الأمر ما تقدم منه من الإحداث ، وإن قلنا إنها ليست موجبة بل ناقضة للطهارة ، فلا عبرة بما تقدم من إحداثه لأنها لم ترد على طهارة ، فتنقضها ، ويجب الوضوء لكونه شرطا في الصلاة كستر العورة ، واستقبال القبلة .

                                                                                                                وأكثر عبارات أصحابنا أنها موجبة للوضوء ، ومنهم من يقول إنها ناقضة للطهارة ، وجمع القاضي في التلقين بينهما . فقال : باب ما يوجب الوضوء ، وينقضه بعد صحته ، والخلاف يرجع إلى مدرك الحكم لا الحكم .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية