الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
حرف القاف

102- أبو عبيد القاسم بن سلام :

هو القاسم بن سلام أبو عبيد الخراساني الأنصاري
مولاهم البغدادي الإمام الكبير الحافظ العلامة أحد الأعلام المجتهدين وصاحب التصانيف في القراءات والحديث والفقه واللغة والشعر .

أخذ القراءة عرضا وسماعا عن علي بن حمزة الكسائي - الإمام - وشجاع بن أبي نصر وسليمان بن حماد وإسماعيل بن جعفر وحجاج بن محمد وهشام بن عمار وعبد الأعلى بن مسهر وسليم بن عيسى ويحيى بن آدم .

وروى عنه القراءة أحمد بن إبراهيم وراق خلف وأحمد بن يوسف التغلبي وعلي بن عبد العزيز البغوي والحسن بن محمد بن زياد القرشي ومحمد بن [ ص: 691 ] أحمد بن عمر البابي وغيرهم .

قال الداني : إمام أهل دهره في جميع العلوم صاحب سنة ثقة مأمون .

وقال عبد الله بن طاهر : علماء الإسلام أربعة : عبد الله بن عباس في زمانه ، والشعبي في زمانه والقاسم بن معن في زمانه والقاسم بن سلام في زمانه .

وقال ابن الأنباري : كان أبو عبيد يقسم الليل فيصلي ثلثه وينام ثلثه ويصنف ثلثه، ومناقبه جمة ، توفي سنة أربع وعشرين ومائتين للهجرة في المحرم بمكة المكرمة عن ثلاث وسبعين سنة .

انتهى ملخصا من غاية النهاية الجزء الثاني ص (18 - 19) تقدم .

103- ولي الله تعالى الإمام الشاطبي رضي الله عنه ونفعنا بعلومه :

هو القاسم بن فيره بكسر الفاء بعدها ياء آخر الحروف ساكنة ثم راء مشددة مضمومة بعدها هاء ومعناه بلغة عجم الأندلس الحديد بن خلف بن أحمد أبو القاسم وأبو محمد الشاطبي الرعيني الضرير ، ولي الله الإمام العلامة أحد الأعلام الكبار والمشتهرين في الأقطار .

ولد في آخر سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة بشاطبة من الأندلس وقرأ ببلده القراءات وأتقنها على أبي عبد الله محمد بن أبي العاص النفزي ثم رحل إلى بلنسية بالقرب من بلده فعرض بها التيسير من حفظه والقراءات على ابن هذيل وسمع منه الحديث وروى عنه وعن أبي عبد الله محمد بن أبي يوسف بن سعادة صاحب أبي علي الحسين بن سكرة الصدفي وعن الشيخ أبي محمد عاشر بن محمد بن عاشر وغيرهم .

وأخذ عن أبي عبد الله محمد بن حميد كتاب سيبويه والكامل للمبرد وأدب الكاتب لابن قتيبة وغيرها ثم رحل للحج فسمع من أبي طاهر السلفي بالإسكندرية وغيره .

ولما دخل مصر أكرمه القاضي الفاضل وعرف مقداره وأنزله بمدرسته التي بناها بدرب الملوخية داخل القاهرة وجعله شيخها وعظمه تعظيما كثيرا، ونظم قصيدتيه اللامية والرائية بها، وجلس للإقراء فقصده الخلائق من الأقطار وكان إماما كبيرا أعجوبة في الذكاء كثير الفنون آية من آيات الله تعالى غاية في القراءات [ ص: 692 ] حافظا للحديث بصيرا بالعربية إماما في اللغة رأسا في الأدب مع الزهد والولاية والعبادة والانقطاع والكشف شافعي المذهب مواظبا على السنة . وكانت تصحح عليه نسخ البخاري ومسلم والموطأ من حفظه . وعرض عليه القراءات أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الصمد السخاوي وهو أجل أصحابه وأبو عبد الله محمد بن عمر القرطبي والسديد عيسى بن مكي ومرتضى بن جماعة بن عباد والكمال علي بن شجاع الضرير صهره والزين محمد بن عمر الكردي وأبو القاسم عبد الرحمن بن سعيد الشافعي وخلق غير هؤلاء .

توفي رحمه الله تعالى في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة تسعين وخمسمائة بالقاهرة ودفن بالقرافة بين مصر والقاهرة بمقبرة القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني وقبره مشهور معروف يقصد للزيارة رحمه الله تعالى رحمة واسعة .

انتهى مختصرا جدا من غاية النهاية الجزء الثاني ص (20 - 23) تقدم وانظر الأعلام للزركلي الجزء السادس ص (14) تقدم .

قلت : وهذا الإمام الكبير من رجال إسنادي في إجازتي للقراءات السبع .

104- أبو الخطاب قتادة بن دعامة :

هو أبو الخطاب قتادة بن دعامة بن قتادة بن العزيز بن عمرو بن ربيعة بن عمرو بن الحارث بن سدوس السدوسي البصري
.

تابعي كبير وإمام مقدم في الحديث والتفسير . روى عن أنس بن مالك وسعيد بن المسيب وعكرمة وأبي الشعثاء وحميد بن عبد الرحمن بن عوف والحسن البصري ومحمد بن سيرين وعطاء بن أبي رباح وغيرهم . وعنه أيوب السختياني وسليمان التيمي وحماد بن سلمة والليث بن سعد والأوزاعي وأبو عوانة وآخرون .

قال له سعيد بن المسيب يتعجب من حفظه : ما كنت أظن أن الله خلق مثلك وقال : ما أتاني عراقي أحسن من قتادة .

وقال ابن سيرين : قتادة هو أحفظ الناس ، وقال رجل لأبي قلابة : من أسأل؟ أسأل قتادة؟ قال : نعم سل قتادة .

وقال شعبة : حدثت سفيان بحديث عن قتادة فقال لي وكان في الدنيا مثل [ ص: 693 ] قتادة . وقال أبو حاتم : سمعت أحمد بن حنبل وذكر قتادة فأطنب في ذكره فجعل ينشر في علمه وفقهه ومعرفته بالاختلاف والتفسير ووصفه بالحفظ والفقه وقال : قلما تجد من يتقدمه أما المثل فلعل .

ولد قتادة سنة إحدى وستين للهجرة وتوفي سنة سبع عشرة ومائة منها على المشهور رحمه الله تعالى رحمة واسعة ورحمنا معه بفضله وكرمه آمين .

انظر تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر العسقلاني الجزء الثامن ص (351 - 356) تقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية