الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) يصح التكليف ( بغير ما علم آمر ومأمور انتفاء شرط وقوعه ) فيصح بما علم آمر وحده انتفاء شرط وقوعه في وقته عند الأكثر . قال ابن مفلح في أصوله : يجوز التكليف بما يعلم الله سبحانه وتعالى أن المكلف لا يمكن منه مع بلوغه حال التمكن عند القاضي وابن عقيل وأبي الخطاب . [ ص: 156 ]

وقال : إنه يقتضيه مذهب أصحابنا . فلهذا يعلم المكلف بالتكليف قبل وقت الفعل . وفاقا للأشعرية وغيرهم . وذكره بعض أصحابنا إجماع الفقهاء . انتهى .

وقال الموفق وغيره : يبنى على النسخ قبل التمكن . قال بعضهم : تشبهها ; لأن ذلك رفع الحكم بخطاب . وهذا بتعجيز . ونبه ابن عقيل عليه . ونفى ذلك أبو المعالي والمعتزلة ، وزعم غلاة القدرية منهم ومن غيرهم - كمعبد الجهني ، وعمرو بن عبيد : أنه لم يعلم أفعال العباد حتى فعلوها . وهذا كفر لعنة الله على قائله إن لم يتب .

ومن فوائد الخلاف : الابتلاء ووجوب الكفارة في تركة من جامع في نهار رمضان ، ثم مات في أثناء ذلك النهار ، وكذا من علق طلاق زوجته بشروعه في صوم أو صلاة واجبين ومات في أثناء ذلك ، فإنها تطلق إجماعا ، وجه الصحة : أنه لو لم يجز التكليف لم يعص أحد ، لأن شرط الفعل إرادة الله سبحانه وتعالى إياه ، لاستحالة تخلف المراد عن إرادته تعالى ، فإذا تركه علم أن الله لا يريده ، وأن العاصي لا يريده . قال المخالف : لو جاز التكليف مع علم الآمر انتفاء شرط وقوعه لجاز مع علم المأمور بذلك ، اعتبارا بالأمر ، والجامع : العلم بعدم الحصول ، رد بأن هذا يمتنع امتثاله ، فلا يعزم ولا يطيع ولا يعصي ولا ابتلاء ، بخلاف مسألتنا . وقد قطع الأصوليون بعدم صحة تكليف ما علم آمر ومأمور انتفاء شرط وقوعه

التالي السابق


الخدمات العلمية