الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقد تضمنت هذه السنة أحكاما عديدة . أحدها : أنه لا يجوز الإحداد على ميت فوق ثلاثة أيام كائنا من كان إلا الزوج وحده .

وتضمن الحديث الفرق بين الإحدادين من وجهين .

أحدهما : من جهة الوجوب والجواز ، فإن الإحداد على الزوج واجب وعلى غيره جائز .

الثاني : من مقدار مدة الإحداد ، فالإحداد على الزوج عزيمة وعلى غيره رخصة ، وأجمعت الأمة على وجوبه على المتوفى عنها زوجها إلا ما حكي عن الحسن والحكم بن عتيبة .

أما الحسن فروى حماد بن سلمة ، عن حميد عنه ( أن المطلقة ثلاثا والمتوفى عنها زوجها تكتحلان وتمتشطان وتتطيبان وتختضبان وتنتقلان وتصنعان ما شاءتا ) وأما الحكم فذكر عنه شعبة : ( أن المتوفى عنها لا تحد )

قال ابن حزم : واحتج أهل هذه المقالة ، ثم ساق من طريق أبي الحسن محمد بن عبد السلام حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة حدثنا الحكم بن عتيبة ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 619 ] قال لامرأة جعفر بن أبي طالب : ( إذا كان ثلاثة أيام فالبسي ما شئت ، أو إذا كان بعد ثلاثة أيام ) شعبة شك .

ومن طريق حماد بن سلمة حدثنا الحجاج بن أرطاة ، عن الحسن بن سعد ، عن عبد الله بن شداد ( أن أسماء بنت عميس استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم أن تبكي على جعفر وهي امرأته فأذن لها ثلاثة أيام ، ثم بعث إليها بعد ثلاثة أيام أن تطهري واكتحلي )

قالوا : وهذا ناسخ لأحاديث الإحداد لأنه بعدها ، فإن أم سلمة رضي الله عنها روت حديث الإحداد وأنه صلى الله عليه وسلم أمرها به إثر موت أبي سلمة ، ولا خلاف أن موت أبي سلمة كان قبل موت جعفر رضي الله عنهما .

وأجاب الناس عن ذلك بأن هذا حديث منقطع ، فإن عبد الله بن شداد بن الهاد لم يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا رآه ، فكيف يقدم حديثه على الأحاديث الصحيحة المسندة التي لا مطعن فيها ؟ وفي الحديث الثاني : الحجاج بن أرطاة ، ولا يعارض بحديثه حديث الأئمة الأثبات الذين هم فرسان الحديث .

التالي السابق


الخدمات العلمية