الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 191 ] 1586 - ( وعن الحسين بن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { للسائل حق وإن جاء على فرس } رواه أحمد وأبو داود ، وهو حجة في قبول قول السائل من غير تحليف وإحسان الظن به ) .

                                                                                                                                            1587 - ( وعن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف } رواه أحمد وأبو داود والنسائي ) .

                                                                                                                                            1588 - ( وعن سهل بن الحنظلية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من جمر جهنم قالوا : يا رسول الله وما يغنيه ؟ قال : ما يغديه أو يعشيه } رواه أحمد واحتج به ، وأبو داود وقال : " يغديه ويعشيه " ) .

                                                                                                                                            1589 - ( وعن حكيم بن جبير عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من سأل وله ما يغنيه جاء يوم القيامة خدوشا أو كدوشا في وجهه قالوا : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما غناه ؟ قال : خمسون درهما أو حسابها من الذهب } رواه الخمسة ، وزاد أبو داود وابن ماجه والترمذي ، فقال رجل لسفيان : إن شعبة لا يحدث عن حكيم بن جبير ، فقال سفيان : حدثناه زبيد عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            أما حديث الحسن بن علي فالذي وقفنا عليه في النسخ الصحيحة من هذا . الكتاب أن الراوي للحديث الحسن بن علي .

                                                                                                                                            وفي سنن أبي داود وغيرها أن الراوي للحديث الحسين بن علي . وهذا الحديث في إسناده يعلى بن أبي يحيى ، سئل عنه أبو حاتم الرازي فقال : مجهول . وقال أبو سعيد بن عثمان بن السكن : قد روي من وجوه صحاح حضور الحسين بن علي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعبه بين يديه وتقبيله إياه فأما الرواية التي يرويها عن النبي صلى الله عليه وسلم فكلها مراسيل . وقال أبو القاسم البغوي في معجمه نحوا من ذلك . وقال أبو عبد الله محمد بن يحيى بن الحذاء : سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ورآه ، ولم يكن بينه وبين أخيه الحسن بن علي إلا طهر واحد . وحديث أبي سعيد سكت عنه أبو داود والمنذري ، [ ص: 192 ] ورجال إسناده ثقات ، وعبد الرحمن بن محمد بن أبي الرجال المذكور في إسناده قد وثقه أحمد والدارقطني وابن معين ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال : ربما أخطأ وحديث سهل أخرجه ابن حبان وصححه . وحديث ابن مسعود حسنه الترمذي وقال : وقد تكلم شعبة في حكيم بن جبير من أجل هذا الحديث قوله : ( وإن جاء على فرس ) فيه الأمر بحسن الظن بالمسلم الذي امتهن نفسه بذل السؤال فلا يقابله بسوء الظن به واحتقاره ، بل يكرمه بإظهار السرور له ، ويقدر أن الفرس التي تحته عارية ، أو أنه ممن يجوز له أخذ الزكاة مع الغنى كمن تحمل حمالة أو غرم غرما لإصلاح ذات البين قوله : ( وله قيمة أوقية ) قال أبو داود : زاد هشام في روايته : وكانت الأوقية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين درهما قوله : ( فقد ألحف ) قالالواحدي :

                                                                                                                                            الإلحاف في اللغة : هو الإلحاح في المسألة . قال أبو الأسود الدؤلي : ليس للسائل الملحف مثل الرد . قال الزجاج : معنى ألحف : شمل بالمسألة والإلحاف في المسألة : هو أن يشتمل على وجوه الطلب بالمسألة كاشتمال اللحاف في التغطية . وقال غيره : معنى الإلحاف في المسألة مأخوذ من قولهم : ألحف الرجل : إذا مشى في لحف الجبل وهو أصله كأنه استعمل الخشونة في الطلب قوله : ( فإنما يستكثر ) أي يطلب الكثرة قوله : ( ما يغديه ) بفتح الغين المعجمة وتشديد الدال المهملة : أي من الطعام بحيث يشبعه قوله : ( ويعشيه ) بفتح العين أيضا . فعلى رواية التخيير يكون المعنى : أن الإنسان إذا حصل له أكلة في النهار غداء أو عشاء كفته واستغنى بها . وعلى رواية الجمع أن يكون المعنى : أنه إذا حصل له في يومه أكلتان كفتاه قوله : ( خدوشا ) بضم الخاء المعجمة جمع خدش : وهو خمش الوجه بظفر أو حديدة أو نحوهما قوله : ( أو كدوشا ) بضم الكاف والدال المهملة وبعد الواو شين معجمة جمع كدش وهو الخدش قوله : ( أو حسابها من الذهب ) هذه رواية أحمد ، ورواية أبي داود " أو قيمتها من الذهب "

                                                                                                                                            وهذه الأحاديث الثلاثة قد استدل بكل واحد منها طائفة المختلفين في حد الغنى ، وقد تقدم بيان ذلك ، ويجمع بينها بأن القدر الذي يحرم السؤال عنده هو أكثرها ، وهي الخمسون عملا بالزيادة .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية