الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
14955 6436 - (15380) - (3 \ 408 - 409) عن محمد بن بكر ، أخبرنا ابن جريج ، قال : أخبرني عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة : أن عبد الله بن محيريز أخبره ، وكان يتيما في حجر أبي محذورة - قال روح : ابن معير ، ولم يقله ابن بكر - حين جهزه إلى الشام ، قال : فقلت لأبي محذورة : يا عم ! إني خارج إلى الشام ، وأخشى أن أسأل عن تأذينك ، فأخبرني أن أبا محذورة قال له : نعم ، خرجت في نفر ، فكنا ببعض طريق حنين ، فقفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين ، فلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض الطريق ، فأذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسمعنا صوت المؤذن ونحن متنكبون ، فصرخنا نحكيه ، ونستهزئ به ، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصوت ، فأرسل إلينا إلى أن وقفنا بين يديه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أيكم الذي سمعت صوته قد ارتفع ؟ " ، فأشار القوم كلهم إلي وصدقوا ، فأرسل كلهم وحبسني ، فقال : "قم فأذن بالصلاة " ، فقمت ولا شيء أكره إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا مما يأمرني به ، فقمت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فألقى إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم التأذين هو نفسه ، فقال : "قل : الله أكبر ، الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله " ، ثم قال لي : "ارجع فامدد من صوتك " ، ثم قال : "أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا

[ ص: 257 ] رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله " ، ثم دعاني حين قضيت التأذين ، فأعطاني صرة فيها شيء من فضة ، ثم وضع يده على ناصية أبي محذورة ، ثم أمارها على وجهه مرتين ، ثم مر بين يديه ، ثم على كبده ، ثم بلغت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم سرة أبي محذورة ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "بارك الله فيك " ، فقلت : يا رسول الله ! مرني بالتأذين بمكة ، فقال : "قد أمرتك به " ، وذهب كل شيء كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كراهية ، وعاد ذلك محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقدمت على عتاب بن أسيد ; عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ، فأذنت معه بالصلاة عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وأخبرني ذلك من أدركت من أهلي ممن أدرك أبا محذورة على نحو ما أخبرني عبد الله بن محيريز .


التالي السابق


* قوله : "فقفل " : أي : رجع .

* "متنكبون " : من تنكب : إذا أعرض ; أي : معرضون عن طريق الإسلام .

* "ثم أمارها " : - بتشديد الراء - هكذا في النسخ ، والظاهر أن أصله أمرها ، والألف للإشباع .

* "وعاد ذلك " : أي : صار ذلك .

* * *




الخدمات العلمية