الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السماوات والأرض أبصر به وأسمع ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحدا

                                                                                                                                                                                                ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين : يريد: لبثهم فيه أحياء مضروبا على آذانهم هذه المدة، وهو بيان لما أجمل في قوله: فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا ومعنى قوله: قل الله أعلم بما لبثوا : أنه أعلم من الذين اختلفوا فيهم بمدة لبثهم، والحق ما أخبرك الله به، وعن قتادة : أنه حكاية لكلام أهل الكتاب، و "قل الله أعلم": رد عليهم، وقال في حرف عبد الله : وقالوا لبثوا، وسنين: عطف بيان لثلثمائة، وقرئ : "ثلثمائة سنين": بالإضافة، على وضع الجمع موضع الواحد في التمييز، كقوله: بالأخسرين أعمالا [الكهف: 103]، وفي قراءة أبي: "ثلثمائة سنة"، "تسعا": تسع سنين ; لأن ما قبله يدل عليه، وقرأ الحسن: "تسعا" بالفتح، ثم ذكر اختصاصه بما غاب في السموات والأرض وخفي فيها من أحوال أهلها ومن غيرها وأنه هو وحده العالم به، وجاء بما دل على التعجب من إدراكه المسموعات والمبصرات، للدلالة على أن أمره في الإدراك خارج عن حد ما عليه إدراك السامعين والمبصرين، لأنه يدرك ألطف الأشياء وأصغرها كما يدرك أكبرها حجما وأكثفها جرما، ويدرك البواطن كما يدرك الظواهر، "ما لهم": الضمير: لأهل السموات والأرض، من ولي : من متول لأمورهم، ولا يشرك في حكمه : في قضائه، "أحدا": منهم، وقرأ الحسن: "ولا تشرك" بالتاء والجزم على النهي.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية