الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( دين ) * في أسماء الله تعالى الديان . قيل : هو القهار . وقيل هو الحاكم والقاضي ، وهو فعال ، من دان الناس : أي قهرهم على الطاعة ، يقال : دنتهم فدانوا : أي قهرتهم فأطاعوا .

                                                          * ومنه شعر الأعشى الحرمازي ، يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم :

                                                          يا سيد الناس وديان العرب

                                                          * ومنه الحديث كان علي ديان هذه الأمة .

                                                          * ومنه حديث أبي طالب قال له صلى الله عليه وسلم أريد من قريش كلمة تدين لهم بها العرب أي تطيعهم وتخضع لهم .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت أي أذلها واستعبدها ، وقيل حاسبها .

                                                          ( هـ ) وفيه إنه عليه الصلاة والسلام كان على دين قومه ليس المراد به الشرك الذي كانوا عليه ، وإنما أراد أنه كان على ما بقي فيهم من إرث إبراهيم عليه السلام من الحج والنكاح والميراث وغير ذلك من أحكام الإيمان . وقيل هو من الدين : العادة ، يريد به أخلاقهم في الكرم والشجاعة وغيرها .

                                                          [ ص: 149 ] وفي حديث الحج كانت قريش ومن دان بدينهم أي اتبعهم في دينهم ووافقهم عليه واتخذ دينهم له دينا وعبادة .

                                                          * وفي دعاء السفر أستودع الله دينك وأمانتك جعل دينه وأمانته من الودائع ; لأن السفر تصيب الإنسان فيه المشقة والخوف فيكون ذلك سببا لإهمال بعض أمور الدين ، فدعا له بالمعونة والتوفيق . وأما الأمانة هاهنا فيريد بها أهل الرجل وماله ومن يخلفه عند سفره .

                                                          * وفي حديث الخوارج يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية يريد أن دخولهم في الإسلام ثم خروجهم منه لم يتمسكوا منه بشيء ، كالسهم الذي دخل في الرمية ثم نفذ فيها وخرج منها ولم يعلق به منها شيء . قال الخطابي : قد أجمع علماء المسلمين على أن الخوارج على ضلالتهم فرقة من فرق المسلمين ، وأجازوا مناكحتهم ، وأكل ذبائحهم ، وقبول شهادتهم . وسئل عنهم علي بن أبي طالب فقيل : أكفار هم ؟ قال : من الكفر فروا ، قيل : أفمنافقون هم ؟ قال : إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا ، وهؤلاء يذكرون الله بكرة وأصيلا . فقيل : ما هم ؟ قال : قوم أصابتهم فتنة فعموا وصموا . قال الخطابي : فمعنى قوله صلى الله عليه وسلم يمرقون من الدين ، أراد بالدين الطاعة : أي أنهم يخرجون من طاعة الإمام المفترض الطاعة ، وينسلخون منها . والله أعلم .

                                                          ( س ) وفي حديث سلمان إن الله ليدين للجماء من ذات القرن أي يقتص ويجزي . والدين : الجزاء .

                                                          ( س ) ومنه حديث ابن عمرو لا تسبوا السلطان ، فإن كان لابد فقولوا : اللهم دنهم كما يدينوننا أي اجزهم بما يعاملوننا به .

                                                          ( هـ ) وفي حديث عمر إن فلانا يدين ولا مال له يقال : دان واستدان وادان مشددا : إذا أخذ الدين واقترض ، فإذا أعطى الدين قيل أدان مخففا .

                                                          ( هـ ) ومنه حديثه الآخر عن أسيفع جهينة فادان معرضا أي استدان معرضا عن الوفاء .

                                                          [ ص: 150 ] وفيه ثلاثة حق على الله عونهم ، منهم المديان الذي يريد الأداء المديان : الكثير الدين الذي علته الديون ، وهو مفعال من الدين للمبالغة .

                                                          ( س ) وفي حديث مكحول الدين بين يدي الذهب والفضة ، والعشر بين يدي الدين في الزرع والإبل والبقر والغنم يعني أن الزكاة تقدم على الدين ، والدين يقدم على الميراث .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية