الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإذا سجد ) أي شرع في سجود السهو بأن وصلت جبهته للأرض وكذا إن نواه على ما أشعر به قول الإمام والغزالي وغيرهما وإن عن له أن يسجد تبينا أنه لم يخرج من الصلاة [ ص: 203 ] ( صار عائدا إلى الصلاة في الأصح ) أي بان أنه لم يخرج منها لاستحالة حقيقة الخروج منها ثم العود إليها وأن سلامه وقع لغوا لعذره بكونه لم يأت به إلا لنسيانه ما عليه من السهو فيعيده وجوبا وتبطل صلاته بنحو حدث ويلزمه الظهر بخروج وقت الجمعة والإتمام بحدوث موجبه ، وإذا عاد الإمام لزم المأموم العود وإلا بطلت صلاته ما لم يعلم خطأه فيه فيما يظهر أخذا مما مر ، أو يتعمد السلام لعزمه على عدم فعل السجود له أو يتخلف ليسجد سواء أسجد قبل عود إمامه أم لا لقطعه القدوة بتعمده وبتخلفه لسجوده فيفعله منفردا وفارق هذا ما لو قام مسبوق بعد سلامه فإنه بعوده يلزمه العود لمتابعته ؛ لأن قيامه الواجب عليه فلم يتضمن قطع القدوة وتخلفه هنا ليسجد مخير فيه .

                                                                                                                              فإذا اختاره كان اختياره له متضمنا لقطعها ، ولو سلم إمامه الحنفي مثلا قبل أن يسجد ثم سجد لم يتبعه بل يسجد منفردا لفراقه له بسلامه في اعتقاده والعبرة به لا باعتقاد الإمام كما يأتي ( و ) مر أن سجود السهو وإن تعدد سجدتان ، لكنه قد يتعدد صورة فقط في صور منها المسبوق وخليفة الساهي وقد مر آنفا ومنها ( لو سها إمام الجمعة ) أو المقصورة ( وسجدوا ) للسهو ( فبان ) بعد سجود السهو ( فوتها ) أي الجمعة أو موجب إتمام المقصورة ( أتموا ظهرا وسجدوا ) للسهو ثانيا آخر صلاتهم [ ص: 204 ] لبيان أن الأول ليس بآخر الصلاة وأنه وقع لغوا ( ولو ظن سهوا فسجد فبان عدمه ) أي السهو ( سجد في الأصح ) لزيادته السجود الأول المبطل تعمده ، ولو سجد للسهو ثم سها بنحو كلام لم يسجد ثانيا ؛ لأنه لا يأمن وقوع مثله فربما تسلسل أو سجد لمقتض في ظنه فبان أن المقتضي غيره لم يعده لانجبار الخلل ولا عبرة بالظن البين خطؤه .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وإذا سجد ) أي : أراد السجود كما أفتى به شيخنا الشهاب الرملي رحمه الله تعالى ( قوله : قول الإمام [ ص: 203 ] إلخ ) يمكن حمل المتن عليه بجعل المعنى وإذا أراد السجود كما في { فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله } ( قوله : صار عائدا إلى الصلاة ) ظاهر هذا الكلام أنه بإرادة السجود تبين أنه لم يخرج من الصلاة حتى يحتاج لإعادة السلام ويبطل حدثه قبله وإن أعرض عن السجود ، ولو قبل الهوي له ويحتمل أن ذلك التبين مشروط بالسجود أو الشروع فيه ، أو في الهوي له ( قوله : ويلزمه الظهر بخروج وقت الجمعة ) هذا ظاهر إن كان بقي من الوقت حين العود ما يسع السجود والسلام فأطال حتى خرج الوقت قبل السلام أما إذا لم يبق ما يسع ذلك فهل الحكم كذلك ، أو لا ، بل لا يصير عائدا إلى الصلاة كما لو خرج الوقت عقب السلام على ما مر عن الإسنوي كما قد يؤخذ من تعليله بأنه غير مأمور به في ذلك نظر ، فليراجع . وظاهر عبارة الروض كغيره أن الحكم كذلك ، بل المتجه خلافه وغاية ما في الروض وغيره إطلاق لا ينافيه التقييد ، بل القياس بطلان الصلاة بالسجود حينئذ إذا تعمده وعلم التحريم ؛ لأنه زيادة غير مطلوبة بل محرمة ، ثم بحثت بذلك مع م ر فخالف وصمم على حرمة السجود ، والعود به وانقلابها ظهرا ( قوله : ما لم يعلم خطأه إلخ ) أي : أو ينو مفارقته قبل تخلف مبطل فيما يظهر ( قوله : فإنه بعوده ) أي : الإمام ( قوله : بل يسجد منفردا ) ينبغي ندبا فلا يلزمه السجود في هذه الصورة ، فليراجع . ( قوله : فبان فوتها ) فيه إشعار بتصوير ذلك بما إذا ظنوا سعة الوقت للسجود ، والسلام فلو علموا أو ظنوا ضيقه عن ذلك كان الحكم كذلك فيما يظهر إن ظنوا جواز السجود في هذه الحالة وإلا فيحتمل [ ص: 204 ] امتناعه لما فيه من تفويت الجمعة ، بل القياس البطلان إن علموا الامتناع لكن ظاهر عبارتهم خلاف ذلك كله كما أشرنا إليه والله أعلم



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( وإذا سجد ) أي أراد السجود وإن لم يشرع فيه بالفعل كما أشعر به كلام الإمام الغزالي وغيرهما وأفتى به شيخنا الشهاب الرملي نهاية ومغني وسم ( قوله وكذا إن نواه إلخ ) اقتصر على ما قبله في شرح بافضل قال الكردي وكذا اعتمده في شروحه على الإرشاد والعباب وزاد في التحفة وكذا إن [ ص: 203 ] نواه إلخ وهذا معتمد الجمال الرملي وغيره ا هـ وتقدم في النهاية والمغني وسم اعتماده قول المتن ( صار عائدا إلخ ) ظاهر هذا الكلام أنه بإرادة السجود تبين أنه لم يخرج من الصلاة حتى يحتاج لإعادة السلام وتبطل بحدثه قبله وإن أعرض عن السجود ولو قبل الهوي له ويحتمل أن ذلك التبين مشروط بالسجود أو الشروع فيه أو في الهوي له سم وهذا الاحتمال بعيد بل لا يظهر عليه ثمرة الخلاف المار عن الكردي .

                                                                                                                              ( قوله أي بان ) إلى الباب في المغني إلا قوله يعلم خطأه إلى يتعمد السلام وكذا في النهاية إلا قوله ولو سلم إلى ومر ( قوله إلا لنسيانه إلخ ) أي أو جهله أنه عليه كما مر ( قوله فيعيده إلخ ) أي يعيد السلام ولا يعيد التشهد مغني وهذا مفرع على المتن ( قوله ويلزمه الظهر بخروج وقت الجمعة ) أي بعد العود فلا ينافي ما مر من حرمة السجود عدم صيرورته عائدا إلى الصلاة ع ش وكتب عليه سم أيضا ما نصه هذا ظاهر إن كان بقي من الوقت حين العود ما يسع السجود والسلام فأطال حتى خرج الوقت قبل السلام أما إذا لم يبق ما يسع ذلك فهل الحكم كذلك أو لا بل لا يصير عائدا إلى الصلاة كما لو خرج الوقت عقب السلام على ما مر عن الإسنوي فليراجع وظاهر عبارة الروض كغيره أن الحكم كذلك لكن المتجه خلافه ، وغاية ما في الروض وغيره إطلاق لا ينافيه التقييد بل القياس بطلان الصلاة بالسجود حينئذ إذا تعمده وعلم التحريم ؛ لأنه زيادة غير مطلوبة بل محرمة ثم بحثت بذلك مع م ر فخالف وصمم على حرمة السجود والعود به وانقلابها ظهرا ا هـ أقول الأقرب الموافق لما مر عن ع ش والأسنى والمغني الشق الثاني وهو قوله أو لا بل لا يصير عائدا إلى الصلاة .

                                                                                                                              ( قوله وإلا بطلت صلاته ) أي حيث لم يوجد ما ينافي السجود فإن وجد فلا كحدثه أو نية إقامته وهو قاصر أو بلوغ سفينته دار إقامته أو نحو ذلك نهاية ومغني ( قوله ما لم يعلم خطأه ) أي أو ينو مفارقته قبل تخلف مبطل فيما يظهر سم ( قوله بتعمده ) أي السلام ( قوله لسجوده إلخ ) متعلق بالتخلف ( قوله قبل عود إمامه أم لا ) صادق بما إذا سجد بعد عود الإمام وبما إذا لم يسجد بالكلية وكان وجهه في الثاني انقطاع القدوة بصري ( قوله فيفعله منفردا ) أي ندبا نظير ما يأتي عن سم ويصرح بذلك ما مر عن البصري ( قوله وفارق هذا ) أي المتخلف للسجود حيث لم يلزمه العود للمتابعة ( قوله فإنه ) أي المسبوق ( بعوده ) أي إمامه ( قوله لأن قيامه ) أي المسبوق ( قوله وتخلفه ) أي المأموم الموافق ( قوله فإذا اختاره ) أي التخلف ( قوله بل يسجد منفردا ) ينبغي ندبا فلا يلزمه السجود في هذه الصورة فليراجع سم .

                                                                                                                              وتقدم عن البصري ما يوافقه قول المتن ( فبان فوتها ) فيه إشعار بتصوير ذلك بما إذا ظنوا سعة الوقت للسجود والسلام فلو علموا أو ظنوا ضيقه عن ذلك كان الحكم كذلك فيما يظهر إن ظنوا جواز السجود في هذه الحالة وإلا فيحتمل امتناعه لما فيه من تفويت الجمعة بل القياس البطلان إن علموا [ ص: 204 ] الامتناع لكن ظاهر عبارتهم خلاف ذلك كله كما أشرنا إليه سم ( قوله لبيان أن إلخ ) أي لتبين أن إلخ ( قوله بنحو كلام ) كأن سجد للسهو ثلاثا مغني ( قوله لم يسجد ثانيا إلخ ) وضابط هذا أن السهو في سجود السهو لا يقتضي السجود والسهو به يقتضيه نهاية ومغني ( قوله فربما تسلسل ) قال الدميري وهذه المسألة التي سأل عنها أبو يوسف الكسائي لما ادعى أن من تبحر في علم اهتدى به إلى سائر العلوم فقال له أنت إمام في النحو والأدب فهل تهتدي إلى الفقه فقال سل ما شئت فقال لو سجد سجود السهو ثلاثا هل يلزمه أن يسجد قال لا ؛ لأن المصغر لا يصغر مغني وشيخنا




                                                                                                                              الخدمات العلمية