الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المسألة الحادية عشرة من الشروط

[ ترتيب أفعال الوضوء ]

اختلفوا في وجوب ترتيب أفعال الوضوء على نسق الآية . فقال قوم : هو سنة ، وهو الذي حكاه المتأخرون من أصحاب مالك عن المذهب ، وبه قال أبو حنيفة والثوري وداود . وقال قوم : هو فريضة ، وبه قال الشافعي وأحمد وأبو عبيد .

وهذا كله في ترتيب المفروض مع المفروض ، وأما ترتيب الأفعال المفروضة مع الأفعال المسنونة ، فهو عندمالك مستحب ; وقال أبو حنيفة : هو سنة ; وسبب اختلافهم شيئان : أحدهما الاشتراك الذي في واو العطف ، وذلك أنه قد يعطف بها الأشياء المرتبة بعضها على بعض ، وقد يعطف بها غير المرتبة ، وذلك ظاهر من استقراء كلام العرب ، ولذلك انقسم النحويون فيها قسمين ، فقال نحاة البصرة : ليس تقتضي نسقا ولا ترتيبا ، وإنما تقتضي الجمع فقط ، وقال الكوفيون : بل تقتضي النسق والترتيب ; فمن رأى أن الواو في آية الوضوء تقتضي الترتيب قال بإيجاب الترتيب ، ومن رأى أنها لا تقتضي الترتيب لم يقل بإيجابه .

والسبب الثاني اختلافهم في أفعاله - عليه الصلاة والسلام - هل هي محمولة على الوجوب أو على الندب ؟ فمن حملها على الوجوب قال بوجوب الترتيب لأنه لم يرو عنه - عليه الصلاة والسلام - أنه توضأ قط إلا مرتبا ، ومن حملها على الندب قال إن الترتيب سنة ، ومن فرق بين المسنون والمفروض من الأفعال قال : إن الترتيب الواجب إنما ينبغي أن يكون في الأفعال الواجبة ، ومن لم يفرق قال : إن الشروط الواجبة قد تكون في الأفعال التي ليست واجبة .

التالي السابق


الخدمات العلمية