الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 475 ] قوله عز وجل : وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن فيه تسعة تأويلات :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : أنه خوف النار ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنه حزن الموت ، قاله عطية .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : تعب الدنيا وهمومها ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : حزن المنة ، قاله سمرة .

                                                                                                                                                                                                                                        الخامس : حزن الظالم لما يشاهد من سوء حاله ، قاله ابن زيد .

                                                                                                                                                                                                                                        السادس : الجوع حكاه النقاش .

                                                                                                                                                                                                                                        السابع : خوف السلطان ، حكاه الكلبي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثامن : طلب المعاش ، حكاه الفراء .

                                                                                                                                                                                                                                        التاسع : حزن الطعام ، وهو مأثور .

                                                                                                                                                                                                                                        ويحتمل عاشرا : أنه حزن التباغض والتحاسد لأن أهل الجنة متواصلون لا يتباغضون ولا يتحاسدون . وفي وقت قولهم لذلك قولان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : عند إعطاء كتبهم بأيمانهم لأنه أول بشارات السلامة ، فيقولون عندها : الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : بعد دخول الجنة ، قاله الكلبي ، وهو أشبه لاستقرار الجزاء والخلاص من أهوال القيامة فيقولون ذلك عند أمنهم شكرا .

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل : الذي أحلنا دار المقامة من فضله أي دار الإقامة وهي الجنة . وفي الفرق بين المقامة بالضم والفتح وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أنها بالضم دار الإقامة ، وبالفتح موضع الإقامة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنها بالضم المجلس الذي يجتمع فيه للحديث .

                                                                                                                                                                                                                                        لا يمسنا فيها نصب فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : تعب ، قاله ابن عيسى .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : وجع ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        ولا يمسنا فيها لغوب فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 476 ] أحدهما : أنه العناء ، قاله أبو جعفر الطبري .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنه الإعياء ، قاله قطرب وابن عيسى .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية