الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( وتجوز إقامتها ) أي الجمعة ( في أكثر من موضع من البلد ، لحاجة إليه كضيق ) مسجد البلد عن أهله ( وخوف فتنة ) بأن يكون بين أهل البلد عداوة ، فيخشى إثارة الفتنة باجتماعهم في مسجد واحد ( وبعد ) للجامع عن طائفة من البلد .

                                                                                                                      ( ونحوه ) كسعة البلد وتباعد أقطاره ( فتصح ) الجمعة ( السابقة واللاحقة ) لأنها تفعل في الأمصار العظيمة في مواضع من غير نكير فكان إجماعا قال الطحاوي : وهو الصحيح من مذهبنا وأما كونه صلى الله عليه وسلم لم يقمها هو ولا أحد من الصحابة في أكثر من موضع فلعدم الحاجة إليه ولأن الصحابة كانوا يؤثرون سماع خطبته ، وشهود جمعته وإن بعدت منازلهم لأنه المبلغ عن الله تعالى ( وكذا العيد ) تجوز إقامتها في أكثر من موضع من البلد للحاجة ، لما سبق ( فإن حصل الغنى ب ) جمعتين ( اثنتين لم تجز ) الجمعة ( الثالثة ) لعدم الحاجة إليها ( وكذا ما زاد ) أي إذا حصل الغنى بثلاث لم تجز الرابعة ، أو بأربع لم تجز الخامسة .

                                                                                                                      وهكذا ( ويحرم ) إقامة الجمعة والعيد بأكثر من موضع من البلد ( لغير حاجة ) قال في المبدع : لا نعلم فيه خلافا إلا عن عطاء وهو معنى كلامه في الشرح .

                                                                                                                      ( و ) يحرم ( إذن إمام فيها ) أي في إقامة ما زاد على واحدة ( إذن ) أي عند عدم الحاجة إليه وكذا الإذن فيما زاد على قدر الحاجة ( فإن فعلوا ) أي أقاموا الجمعة في موضعين فأكثر ، مع عدم الحاجة ( فجمعة الإمام التي باشرها أو أذن فيها : هي الصحيحة ) لأن في تصحيح غيرها افتياتا عليه ، وتفويتا لجمعته وسواء قلنا : إذنه شرط أو لا .

                                                                                                                      ( وإن ) أي ولو ( كانت ) جمعة الإمام ( مسبوقة ) لما تقدم ( فإن استويا في الإذن وعدمه ) أي أو عدم إذن الإمام فيهما ( فالثانية باطلة ، ولو كانت ) المسبوقة ( في المسجد الأعظم ، والأخرى في مكان لا يسع الناس ، أو لا يقدرون عليه لاختصاص السلطان وجنده به ، أو كانت المسبوقة في قصبة البلد والأخرى في أقصاها ) لأن الاستغناء حصل بالأولى فأنيط الحكم بها ، لكونها سابقة ( والسبق يكون بتكبيرة ، [ ص: 40 ] الإحرام ) لا بالشروع في الخطبة ، ولا بالسلام .

                                                                                                                      ( وإن وقعتا ) أي الجمعتان في موضعين من البلد بلا حاجة ( معا بطلتا ) حيث لم يباشر الإمام إحداهما ، واستوتا في الإذن أو عدمه لأنه لا يمكن تصحيحهما ولا تعيين إحداهما بالصحة أشبه ما لو جمع بين أختين معا ( وصلوا جمعة ) وجوبا ( إن أمكن ) لأنه مصر لم تصل فيه جمعة صحيحة ( وإن جهلت ) الجمعة ( الأولى ) من جمعتين فأكثر ببلد لغير حاجة ( أو جهل الحال ) بأن لم يعلم كيف وقعتا : أمعا أم إحداهما بعد الأخرى ( أو علم ) الحال ( ثم أنسي صلوا ظهرا ولو أمكن فعل الجمعة ) للشك في شرط إقامة الجمعة ، والظهر بدل عن ، الجمعة إذا فاتت فإذا كان مصران متقاربان يسمع كل منهما نداء الأخرى ، أو قريتان أو قرية إلى جانب مصر كذلك لم تبطل جمعة إحداهما بجمعة الأخرى لأن لكل قوم منهم حكم أنفسهم .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية