الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        6715 حدثني يحيى بن موسى حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المدينة يأتيها الدجال فيجد الملائكة يحرسونها فلا يقربها الدجال قال ولا الطاعون إن شاء الله

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        الحديث الثالث حديث أنس ، قوله ( يأتيها الدجال ) أي المدينة ( فيجد الملائكة يحرسونها ) في حديث محجن بن الأدرع عند أحمد والحاكم في ذكر المدينة ولا يدخلها الدجال إن شاء الله كلما أراد دخولها تلقاه بكل نقب من أنقابها ملك مصلت سيفه يمنعه عنها وعند الحاكم من طريق أبي عبد الله القراظ سمعت سعد بن مالك وأبا هريرة يقولان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم بارك لأهل المدينة الحديث وفيه : إلا أن الملائكة مشتبكة بالملائكة ، على كل نقب من أنقابها ملكان يحرسانها لا يدخلها الطاعون [ ص: 113 ] ولا الدجال قال ابن العربي : يجمع بين هذا وبين قوله " على كل نقب ملكان " أن سيف أحدهما مسلول والآخر بخلافه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : فلا يقربها الدجال ولا الطاعون إن شاء الله ) قيل هذا الاستثناء محتمل للتعليق ومحتمل للتبرك وهو أولى ، وقيل إنه يتعلق بالطاعون فقط وفيه نظر ، وحديث محجن بن الأدرع المذكور آنفا يؤيد أنه لكل منهما . وقال القاضي عياض : في هذه الأحاديث حجة لأهل السنة في صحة وجود الدجال وأنه شخص معين يبتلي الله به العباد ويقدره على أشياء كإحياء الميت الذي يقتله وظهور الخصب والأنهار والجنة والنار واتباع كنوز الأرض له وأمره السماء فتمطر والأرض فتنبت وكل ذلك بمشيئة الله ، ثم يعجزه الله فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره ، ثم يبطل أمره ويقتله عيسى ابن مريم وقد خالف في ذلك بعض الخوارج والمعتزلة والجهمية فأنكروا وجوده وردوا الأحاديث الصحيحة ، وذهب طوائف منهم كالجبائي إلى أنه صحيح الوجود لكن كل الذي معه مخاريق وخيالات لا حقيقة لها ، وألجأهم إلى ذلك أنه لو كان ما معه بطريق الحقيقة لم يوثق بمعجزات الأنبياء ، وهو غلط منهم لأنه لم يدع النبوة فتكون الخوارق تدل على صدقه ، وإنما ادعى الإلهية وصورة حاله تكذبه لعجزه ونقصه فلا يغتر به إلا رعاع الناس إما لشدة الحاجة والفاقة وإما تقية وخوفا من أذاه وشره مع سرعة مروره في الأرض فلا يمكث حتى يتأمل الضعفاء حاله ، فمن صدقه في تلك الحال لم يلزم منه بطلان معجزات الأنبياء ، ولهذا يقول له الذي يحييه بعد أن يقتله : ما ازددت فيك إلا بصيرة " . قلت : ولا يعكر على ذلك ما ورد في حديث أبي أمامة عند ابن ماجه أنه يبدأ فيقول أنا نبي ، ثم يثني فيقول أنا ربكم فإنه يحمل على أنه ، إنما يظهر الخوارق بعد قوله الثاني . ووقع في حديث أبي أمامة المذكور : وإن من فتنته أن يقول للأعرابي : أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك أتشهد أني ربك ؟ فيقول نعم ، فيمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه يقولان له : يا بني اتبعه فإنه ربك ، وإن من فتنته أن يمر بالحي فيكذبونه فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت ، ويمر بالحي فيصدقونه فيأمر السماء أن تمطر والأرض أن تنبت فتمطر وتنبت حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت وأعظم وأمده خواصر وأدره ضروعا .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية