الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا

                                                                                                                                                                                                قرئ : "تسير": من سيرت، و"نسير" من سيرنا، و"تسير" من سارت، أي: تسير في الجو، أو يذهب بها، بأن تجعل هباء منبثا، وقرئ : "وترى الأرض" على البناء للمفعول، بارزة : ليس عليها ما يسترها مما كان عليها، وحشرناهم : وجمعناهم إلى الموقف، وقرئ : "فلم نغادر" بالنون والياء، يقال: غادره وأغدره: إذا تركه، ومنه [ ص: 591 ] الغدر: ترك الوفاء، والغدير: ما غادره السيل، وشبهت حالهم بحال الجند المعروضين على السلطان، "صفا": مصطفين ظاهرين، يرى جماعتهم كما يرى كل واحد لا يحجب أحد أحدا، لقد جئتمونا : أي: قلنا لهم: لقد جئتمونا، وهذا المضمر هو عامل النصب في يوم نسير، ويجوز أن ينصب بإضمار اذكر، والمعنى: لقد بعثناكم كما أنشأناكم، أول مرة : وقيل: جئتمونا عراة لا شيء معكم كما خلقناكم أولا، كقوله: ولقد جئتمونا فرادى [الأنعام: 94]، فإن قلت: لم جيء بحشرناهم ماضيا بعد نسير وترى ؟

                                                                                                                                                                                                قلت: للدلالة على أن حشرهم قبل التسيير وقبل البروز، ليعاينوا تلك الأهوال العظائم، كأنه قيل: وحشرناهم قبل ذلك، موعدا : وقتا لإنجاز ما وعدتم على ألسنة الأنبياء من البعث والنشور.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية