[ ص: 663 ] وأما الرجل إذا أسلم ، وامتنعت المشركة أن تسلم ، فإمساكه لها يضر بها ، ولا مصلحة لها فيه ، فإنه إذا لم يقم لها بما تستحقه كان ظالما ، فلهذا قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10ولا تمسكوا بعصم الكوافر ) ، فنهى الرجال أن يستديموا نكاح الكافرة ، فإذا أسلم الرجل أمرت امرأته بالإسلام ، فإن لم تسلم فرق بينهما .
[ ص: 664 ] قال شيخنا : " وقد يقال : بل هذا النهي للرجال ثابت في حق النساء ، ويقال : إن قضية
زينب منسوخة ، فإنها كانت قبل نزول آية التحريم لنكاح المشركات ، وهذا مما قاله طائفة : منهم
محمد بن الحسن " .
قلت : وهذا قاله غير واحد من العلماء .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد بن حزم : أما خبر
زينب فصحيح ، ولا حجة فيه ؛ لأن إسلام
أبي العاص كان قبل
الحديبية ، ولم يكن نزل بعد
nindex.php?page=treesubj&link=11004تحريم المسلمة على المشرك ، وكذلك قال
البيهقي .
قال شيخنا : " لكن يقال : فهذه الآية كانت قبل فتح
مكة بعد
الحديبية ،
ثم لما فتح النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة رد نساء كثيرا على أزواجهن بالنكاح الأول ، لم يحدث نكاحا ، وقد احتبس أزواجهن عليهن ، ولم يأمر رجلا واحدا بتجديد النكاح ألبتة ولو وقع ذلك لنقل ولما أهملت الأمة نقله .
قلت : وبهذا يعلم بطلان ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد بن حزم فإنه قال : " ولا سبيل إلى خبر صحيح بأن إسلام رجل يقدم على إسلام امرأته ، أو يقدم إسلامها عليه ، وأقرهما على النكاح الأول ، فإذ لا سبيل إلى هذا فلا يجوز أن يطلق على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه إطلاق الكذب والقول بغير علم .
[ ص: 665 ] قال : فإن قيل : قد روي أن
أبا سفيان أسلم قبل
هند ،
وامرأة صفوان أسلمت قبل
صفوان ، قلنا : من أين لكم أنهما بقيا على نكاحهما فلم يجددا عقدا ؟ وهل جاء ذلك قط بإسناد صحيح متصل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه عرف ذلك فأقره ؟ حاش لله من هذا " انتهى كلامه .
وهذا من أوابده ، وإقدامه على إنكار المعلوم لأهل الحديث ، والسير بالضرورة ، بل من له إلمام بالسنة ، وأيام الإسلام ، وسيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكيفية إسلام الصحابة ، ونسائهم يعلم علما ضروريا لا يشك فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يعتبر في بقاء النكاح أن يتلفظ الزوجان بالإسلام تلفظا واحدا ، لا يتقدم أحدهما على الآخر بحرف ، ولا يتأخر عنه بحرف ، لا قبل الفتح ولا بعده إلى أن توفاه الله عز وجل ، ويعلم علما ضروريا أنه لم يفسخ عقد نكاح أحد سبق امرأته بالإسلام ، أو سبقته ، ثم أسلم الثاني لا في العدة ، ولا بعدها .
وكذلك أيضا يعلم أنه لم يجدد نكاح أحد سبقته امرأته بالإسلام ، أو سبقها ، ثم أسلم الثاني لا في العدة ، ولا بعدها .
وكذلك أيضا يعلم أنه لم يجدد نكاح أحد سبقته امرأته ، أو سبقها بالإسلام بحيث أحضر الولي والشهود وجدد العقد والمهر ، وتجويز وقوع مثل هذا - ولا ينقله بشر على وجه الأرض - يفتح باب تجويز المحالات ، وأنه كان لنا صلاة سادسة ، ولم ينقلها أحد وأذان زائد ، ولم ينقله أحد ، ومن هذا النمط ، وذلك من أبطل الباطل وأبين المحال ، فهذه سيرة رسول الله
[ ص: 666 ] - صلى الله عليه وسلم - وأحواله وأحوال أصحابه بين أظهر الأمة تشهد ببطلان ما ذكره ، وأن إضافته إليه محض الكذب ، والقول عليه بلا علم .
فإن قيل : فقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350378أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رد ابنته على أبي العاص بمهر جديد ، ونكاح جديد رواه
الترمذي ، فكيف تقولون : إنه لم يجدد لأحد ممن تقدم إسلام امرأته نكاحا ؟
قيل : هذا الحديث لا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قاله أئمة الحديث .
قال
الترمذي : " في إسناده مقال " .
[ ص: 667 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : " هذا حديث ضعيف ، والحديث الصحيح : الذي روي أنه أقرها على النكاح الأول " هذا لفظه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : " هذا حديث لا يثبت ، والصواب حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ردها بالنكاح الأول " .
وقال
الترمذي في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350379أنه ردها بالنكاح الأول فكان إسلامها قبل إسلامه بست سنين ، ولم يحدث نكاحا " هذا حديث حسن ليس بإسناده بأس .
[ ص: 668 ] فإن قيل : الكلام مع من صحح هذا الحديث ، فإنه حديث مضطرب : قد روي أنه " كان بين إسلامهما سنتان " ، وروي " ست سنين " ، ولا يصح واحد من الأمرين ، فإن
زينب لم تزل مسلمة من بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ،
وأبو العاص أسلم في السنة السادسة في زمن الهدنة ، فبين إسلامه ، وإسلامها ثمان عشرة سنة ، أو ما يزيد عليها ، وكذلك رواية من روى " سنتين " هي غلط قطعا ، فإن
زينب لم تبق مشركة إلى السنة الرابعة من الهجرة ، والحديث من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق ، وكلام الأئمة فيه معروف .
فالجواب أن يقال : من أين لكم تقدم إسلام
زينب من أول المبعث ، فإنها كانت تحت
nindex.php?page=showalam&ids=9920أبي العاص بن الربيع ، وهو مشرك ، وأصح ما في تقدم إسلامها حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس هذا ، وهو يقتضي أنها أسلمت حين هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى
المدينة .
[ ص: 669 ] وكذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب : أسلمت
زينب ، وهاجرت بعد هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وسيأتي ذكر ذلك على أنه كان إسلامها من حين المبعث كما حكى فيه الإجماع
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد بن حزم ، فقال : " وقد أسلمت
زينب في أول مبعث أبيها - صلى الله عليه وسلم - لا خلاف في ذلك ، ثم هاجرت إلى
المدينة ، وزوجها كافر ، فكان بين إسلامها وإسلامه أزيد من ثمان عشرة سنة ، وقد ولدت في خلال ذلك
علي بن أبي العاص ، " وهذا الذي قاله
أبو محمد هو الحق ، وأنها لم تزل مسلمة من حين بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويمكن التوقيت بالسنتين أو بالست كان بين إسلامه ، وظهور إسلامها ، وإعلانه بالهجرة ، فإن نساء المؤمنات كن يستخفين من أزواجهن بالإسلام في
مكة ، فلما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أظهر من هاجر معه منهن إسلامها ،
وزينب هاجرت بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبعد وقعة
بدر ، فكان بين ظهور إسلامها بهجرتها ، وإسلام
أبي العاص سنتان .
وأما الست سنين فهي بين ظهور الإسلام العام بالهجرة ، وإسلام
أبي العاص .
[ ص: 670 ] على أن
عبد الرزاق قد ذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن رجل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب قال :
[ ص: 671 ] أسلمت nindex.php?page=showalam&ids=437زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهاجرت بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - في الهجرة الأولى ، وزوجها nindex.php?page=showalam&ids=9920أبو العاص بن الربيع بمكة مشرك ، ثم شهد أبو العاص " بدرا " مشركا ، فأسر ففدي ، وكان موسرا ، ثم شهد " أحدا " مشركا ، ورجع إلى مكة ، ومكث بها ما شاء الله ، ثم خرج إلى الشام تاجرا فأسر بطريق الشام ، أسره نفر من الأنصار ، فدخلت [ ص: 672 ] زينب على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : إن المسلمين يجير عليهم أدناهم ، فقال : وما ذاك يا زينب ؟ فقالت : أجرت أبا العاص . فقال : " قد أجرت جوارك " ثم لم يجر جوار امرأة بعدها ، ثم أسلما ، فكانا على نكاحهما .
وكان عمر خطبها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فذكر لها النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك ، فقالت : أبو العاص يا رسول الله حيث علمت ، وقد كان نعم الصهر ، فإن رأيت أن تنتظره ، فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك .
قلت : قوله : " ثم أسلما " أي اجتمعا على الإسلام ، وإلا
فزينب أسلمت
[ ص: 673 ] قبله قطعا ، وهاجرت بعد "
بدر " قطعا كما في " المسند " ، و " السنن " من
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350382حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت : لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت زينب في فداء أبي العاص بمال ، وبعثت فيه بقلادة لها كانت عند nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة أدخلتها بها على أبي العاص . قالت فلما رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رق لها رقة شديدة ، وقال : " إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها " ، قالوا : نعم . وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ عليه ، أو وعده ، أن يخلي سبيل زينب إليه ، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة ورجلا من الأنصار ، فقال : " كونا ببطن يأجج حتى تمر بكما زينب فتصحباها حتى تأتيا بها " .
[ ص: 674 ] وأما تعلقكم على
محمد بن إسحاق فتعلق ضعيف ، وقد صحح الأئمة حديثه هذا ، وبينوا أنه أولى بالصحة من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب أنه ردها بنكاح جديد ، وأن ذلك لا يثبت ، كما تقدم حكاية كلامهم ، وثناء الأئمة على
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق وشهادتهم له بالإمامة ، والحفظ ، والصدق أضعاف أضعاف القدح فيه .
[ ص: 675 ] [ ص: 676 ] وقد أجيب عن حديث
زينب - رضي الله عنها - بأجوبة كلها ضعيفة أو فاسدة ، ونحن نذكرها .
قال
أبو عمر : " إن صح حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس هذا ، فلا يخلو من أحد وجهين :
إما أنها لم تحض ثلاث حيض حتى أسلم زوجها .
وإما أن الأمر فيها منسوخ بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228وبعولتهن أحق بردهن في ذلك ) ، يعني في عدتهن ، وهذا ما لا خلاف فيه بين العلماء : أنه عنى به العدة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب في قصة
زينب هذه : كان هذا قبل أن تنزل الفرائض .
قال
قتادة : كان هذا قبل أن تنزل سورة " براءة " بقطع العهود بين المسلمين والمشركين .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رد ابنته إلى
nindex.php?page=showalam&ids=9920أبي العاص بن الربيع بنكاح جديد ، وإذا كان هذا سقط القول في قصة
زينب .
[ ص: 677 ] وكذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي - مع علمه بالمغازي - " إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرد
زينب إلى
أبي العاص إلا بنكاح جديد " ، ولا خلاف بين العلماء في
nindex.php?page=treesubj&link=11459الكافرة تسلم ، ويأبى زوجها الإسلام حتى تنقضي عدتها ، أنه لا سبيل له عليها إلا بنكاح جديد .
وهذا كله يتبين به أن قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - : " ردها على النكاح الأول " أنه أراد به على مثل الصداق الأول إن صح ، وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عندنا صحيح " انتهى كلامه .
قلت : أما كونها لم تحض في تلك السنين الست إلا ثلاث حيض فهذا - مع أنه في غاية البعد وخلاف ما طبع الله عليه النساء - فمثله لو وقع لنقل ، ولم ينقل ذلك أحد ، ولم يحد النبي - صلى الله عليه وسلم - بقاء النكاح بمدة العدة حتى يقال : لعل عدتها تأخرت ، فلا التحديد بالثلاث حيض ثابت ، ولا تأخرها ست سنين معتاد .
[ ص: 678 ] وأما ادعاء نسخ الحديث فأبعد وأبعد ، فإن شروط النسخ منتفية ، وهي وجود المعارض ، ومقاومته ، وتأخره ، فأين معكم واحد من هذه الثلاثة ؟
وأعجب من هذا دعوى أن يكون الناسخ قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228وبعولتهن أحق بردهن في ذلك ) ، فإن هذا في المطلقات الرجعيات بنص القرآن ، واتفاق الأمة ، ولم يقل أحد : أن إسلام المرأة طلقة رجعية يكون بعلها أحق بردها في عدتها ، والذين يحكمون بالفرقة بعد انقضاء العدة لا يوقعونها من حين الإسلام ، بخلاف الطلاق فإنه ينفذ من حين التطليق ، ويكون للزوج الرجعة في زمن العدة .
وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : " إن هذا كان قبل أن تنزل الفرائض " ، فكأنه أراد أن الحديث منسوخ ، فيقال : وأين الناسخ من كتاب الله أو سنة رسوله ؟ فإن قال : الناسخ له قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن ) ، فيقال : هذه الآية نزلت في قصة صلح
الحديبية باتفاق الناس ، ورد
زينب على
أبي العاص كان بعد ذلك لما قدم من
الشام في زمن الهدنة ، ولهذا
[ ص: 679 ] قال النبي - صلى الله عليه وسلم -
لزينب "
أكرمي مثواه ، ولكن لا يصل إليك " ، امتثالا لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن ) ، ثم ذهب
أبو العاص إلى
مكة فرد الودائع ، والأمانات التي كانت عنده ، ثم جاء فأسلم ، فردها عليه بالنكاح الأول .
وقوله : " إن ذلك كان قبل أن تنزل الفرائض " لم يرد به فرائض الإسلام ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300فابن شهاب أعلم وأجل من أن يريد ذلك ، والظاهر أنه إنما أراد فريضة تحريم
nindex.php?page=treesubj&link=11004_11005نكاح المشرك ، والمشركة .
وأقصى ما يقال : إن رد
زينب على
أبي العاص ، ونزول آية التحريم كانا في زمن الهدنة ، فمن أين يعلم تأخر نزول الآية عن قصة الزوجين ، لتكون ناسخة لها ؟ ولا يمكن دعوى النسخ بالاحتمال .
وأما قول
قتادة : كان هذا قبل أن تنزل سورة " براءة " بقطع العهود بين المسلمين ، والمشركين فلا ريب أنه كان قبل نزول " براءة " ولكن أين في
[ ص: 680 ] سورة براءة ما يدل على إبطال ما مضت به سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حين بعث إلى أن توفاه الله تعالى من عدم
nindex.php?page=treesubj&link=11453التفريق بين الرجل ، والمرأة ، إذا سبق أحدهما بالإسلام ؟ والعهود التي نبذها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المشركين هي عهود الصلح التي كانت بينه وبينهم ، فهي براءة من العقد ، والعهد الذي كان بينه وبينهم ، ولا تعرض فيها للنكاح بوجه من الوجوه ، وقد أكد الله سبحانه البراءة بين المسلمين ، والكفار قبل ذلك في سورة " الممتحنة " وغيرها ، ولكن هذا لا يناقض تربص المرأة بنكاحها إسلام زوجها ، فإن أسلم كانت امرأته وإلا فهي بريئة منه .
[ ص: 681 ] وأما قوله : وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده : أنه ردها بنكاح جديد ، فلو وصل إلى
عمرو لكان حجة ، فإنا لا ندفع حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، ولكن دون الوصول إليه مفاوز مجدبة معطشة لا تسلك ، فلا يعارض بحديثه الحديث الذي شهد الأئمة بصحته .
[ ص: 682 ] وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يردها إلا بنكاح جديد ، فهذا إن صح عن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي فإن كان قاله برأيه فلا حجة فيه ، وإن كان قاله رواية فهو منقطع لا تقوم به حجة ، فبين
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مفازة لا يدرى حالها .
وأما قوله : لا خلاف بين العلماء في
nindex.php?page=treesubj&link=11459الكافرة تسلم ، ويأبى زوجها الإسلام حتى تنقضي عدتها ، أنه لا سبيل له عليها إلا بنكاح ، فهذا قاله
أبو عمر - رحمه الله - بحسب ما بلغه ، وإلا فقد ذكرنا في المسلمة مذاهب تسعة ، وذكرنا مذهب
علي ولا يحفظ اعتبار العدة عن صاحب واحد ألبتة ، وأرفع ما فيه قول
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري الذي رواه
مالك عنه في " الموطأ " ، ولفظه : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350384أن أم حكيم بنت الحارث بن هشام أسلمت يوم الفتح بمكة ، وهرب زوجها nindex.php?page=showalam&ids=28عكرمة بن أبي جهل من الإسلام حتى قدم اليمن ، فارتحلت أم حكيم حتى قدمت على زوجها باليمن ، ودعته إلى الإسلام فأسلم ، وقدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبايعه فثبتا على نكاحهما ذلك " .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب : ولم يبلغنا أن
nindex.php?page=treesubj&link=11459امرأة هاجرت إلى الله ، وإلى رسوله ، وزوجها كافر مقيم بدار الكفر إلا فرقت هجرتها بينها وبين زوجها إلا أن يقدم زوجها مهاجرا قبل أن تنقضي عدتها ، وأنه لم يبلغنا أن امرأة فرق بينها وبين زوجها إذا قدم وهي في عدتها ، فلا يعرف في اعتبار العدة غير هذا الأثر .
[ ص: 683 ] وأما قوله : إنه ردها على النكاح الأول : أي على مثل الصداق الأول ، فلا يخفى ضعفه وفساده ، وأنه عكس المفهوم من لفظ الحديث ، وقوله : " لم يحدث شيئا " يأباه ونحن نذكر ألفاظ الحديث لنبين أنها لا تحتمل ذلك :
ففي " المسند " ، و " السنن " من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350385أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رد ابنته زينب على زوجها أبي العاص بن الربيع بالنكاح الأول لم يحدث شيئا " .
وفي لفظ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350386بنكاحها الأول لم يحدث صداقا " .
وفي لفظ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350387شهادة ولا صداقا " .
وفي لفظ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350388لم يحدث نكاحا " .
فهذا كله صريح في أنه أبقاهما على نفس النكاح الأول ، لا يحتمل الحديث غير ذلك .
وأما قوله : " فحديث
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عندنا صحيح " فنعم ، إذا وصل إليه بسند صحيح ، وهذا منتف في هذا الحديث كما تقدم .
[ ص: 684 ] قال
الترمذي في " كتاب العلل " : سألت عنه
nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل البخاري
[ عن هذين الحديثين ] ؟ فقال : حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أصح في هذا الباب من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب
[ عن أبيه ، عن جده ] .
وذكر
أبو عبيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى بن سعيد القطان : أن
nindex.php?page=showalam&ids=15689حجاج بن أرطاة - وهو راويه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب - لم يسمعه من
عمرو ، وأنه من حديث
محمد بن عبيد الله العرزمي ، عن
عمرو .
قال
البيهقي : " فهذا الحديث لا يعبأ به أحد يدري ما الحديث " .
قال : " والذي ذكره بعض الناس في الجمع بين حديث
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو ، وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، بأن قال : علم
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بتحريم الله سبحانه رجوع المؤمنات إلى الكفار ، فلم يكن ذلك عنده إلا بنكاح جديد " .
وأما
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فلم يعلم بتحريم الله عز وجل المؤمنات على الكفار حتى علم برد
زينب على
أبي العاص فقال : ردها بالنكاح الأول ؛ لأنه لم يكن بينهما عنده فسخ نكاح " .
[ ص: 685 ] قال
البيهقي : " وليس هذا بجمع صحيح ، وما هو إلا سوء ظن بالصحابة ، حيث نسبهم إلى المجازفة برواية الحديث على ما وقع لهم من غير سماع ، وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو لم يثبته الحفاظ على ما قدمنا ذكره ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس لم يقل : " ردها عليه بالنكاح الأول ، ولم يحدث شيئا " إلا بعد إحاطة العلم به بنفسه ، أو عمن يثق به ، وكيف يشتبه على مثله نزول الآية في " الممتحنة " قبل رد النبي - صلى الله عليه وسلم - ابنته على
أبي العاص ؟ وإن اشتبه ذلك عليه في وقت نزولها لم يشتبه على مثله الخبر بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد علم منازل القرآن ، وتأويله ، هذا بعيد لا يجوز الحمل عليه " انتهى كلامه .
قال أصحاب هذا القول : ثم نقول : دعونا من هذا كله ، وهب أنه صح لكم جميع ما ذكرتم في قصة
زينب ، فمن أين لكم أن المراعى في أمر
أبي العاص ، وأمر
هند ، وامرأة
صفوان ،
وأم حكيم ، وسائر من أسلم إنما هو العدة ؟ ومن أخبركم بهذا ، وليس في شيء من الأحاديث الصحاح ولا الحسان ذكر عدة في ذلك ، ولا دليل عليها أصلا من كتاب الله ، ولا سنة رسوله ، ولا إجماع الصحابة ؟ قالوا : ولا عدة في دين الله إلا في طلاق ، أو خلع ، أو وفاة ، أو عتق تحت عبد ، أو حر ، فمن أين جئتمونا بهذه العدة ، وجعلتموها حدا فاصلا بين الزوج المالك للعصمة ، وغيره ؟
[ ص: 663 ] وَأَمَّا الرَّجُلُ إِذَا أَسْلَمَ ، وَامْتَنَعَتِ الْمُشْرِكَةُ أَنْ تُسْلِمَ ، فَإِمْسَاكُهُ لَهَا يَضُرُّ بِهَا ، وَلَا مَصْلَحَةَ لَهَا فِيهِ ، فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يَقُمْ لَهَا بِمَا تَسْتَحِقُّهُ كَانَ ظَالِمًا ، فَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ) ، فَنَهَى الرِّجَالَ أَنْ يَسْتَدِيمُوا نِكَاحَ الْكَافِرَةِ ، فَإِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ أُمِرَتِ امْرَأَتُهُ بِالْإِسْلَامِ ، فَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا .
[ ص: 664 ] قَالَ شَيْخُنَا : " وَقَدْ يُقَالُ : بَلْ هَذَا النَّهْيُ لِلرِّجَالِ ثَابِتٌ فِي حَقِّ النِّسَاءِ ، وَيُقَالُ : إِنَّ قَضِيَّةَ
زَيْنَبَ مَنْسُوخَةٌ ، فَإِنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ التَّحْرِيمِ لِنِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ ، وَهَذَا مِمَّا قَالَهُ طَائِفَةٌ : مِنْهُمْ
مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ " .
قُلْتُ : وَهَذَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ : أَمَّا خَبَرُ
زَيْنَبَ فَصَحِيحٌ ، وَلَا حُجَّةَ فِيهِ ؛ لِأَنَّ إِسْلَامَ
أَبِي الْعَاصِ كَانَ قَبْلَ
الْحُدَيْبِيَةِ ، وَلَمْ يَكُنْ نَزَلَ بَعْدُ
nindex.php?page=treesubj&link=11004تَحْرِيمُ الْمُسْلِمَةِ عَلَى الْمُشْرِكِ ، وَكَذَلِكَ قَالَ
الْبَيْهَقِيُّ .
قَالَ شَيْخُنَا : " لَكِنْ يُقَالُ : فَهَذِهِ الْآيَةُ كَانَتْ قَبْلَ فَتْحِ
مَكَّةَ بَعْدَ
الْحُدَيْبِيَةِ ،
ثُمَّ لَمَّا فَتَحَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ رَدَّ نِسَاءً كَثِيرًا عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ ، لَمْ يُحْدِثْ نِكَاحًا ، وَقَدِ احْتَبَسَ أَزْوَاجُهُنَّ عَلَيْهِنَّ ، وَلَمْ يَأْمُرْ رَجُلًا وَاحِدًا بِتَجْدِيدِ النِّكَاحَ أَلْبَتَّةَ وَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ لَنُقِلَ وَلَمَا أَهْمَلَتِ الْأُمَّةُ نَقْلَهُ .
قُلْتُ : وَبِهَذَا يُعْلَمُ بُطْلَانُ مَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ فَإِنَّهُ قَالَ : " وَلَا سَبِيلَ إِلَى خَبَرٍ صَحِيحٍ بِأَنَّ إِسْلَامَ رَجُلٍ يُقَدَّمُ عَلَى إِسْلَامِ امْرَأَتِهِ ، أَوْ يُقَدَّمُ إِسْلَامُهَا عَلَيْهِ ، وَأَقَرَّهُمَا عَلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ ، فَإِذْ لَا سَبِيلَ إِلَى هَذَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ إِطْلَاقُ الْكَذِبِ وَالْقَوْلِ بِغَيْرِ عِلْمٍ .
[ ص: 665 ] قَالَ : فَإِنْ قِيلَ : قَدْ رُوِيَ أَنَّ
أَبَا سُفْيَانَ أَسْلَمَ قَبْلَ
هِنْدَ ،
وَامْرَأَةَ صَفْوَانَ أَسْلَمَتْ قَبْلَ
صَفْوَانَ ، قُلْنَا : مِنْ أَيْنَ لَكُمْ أَنَّهُمَا بَقِيَا عَلَى نِكَاحِهِمَا فَلَمْ يُجَدِّدَا عَقْدًا ؟ وَهَلْ جَاءَ ذَلِكَ قَطُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مُتَّصِلٍ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ عَرَفَ ذَلِكَ فَأَقَرَّهُ ؟ حَاشَ لِلَّهِ مِنْ هَذَا " انْتَهَى كَلَامُهُ .
وَهَذَا مِنْ أَوَابِدِهِ ، وَإِقْدَامِهِ عَلَى إِنْكَارِ الْمَعْلُومِ لِأَهْلِ الْحَدِيثِ ، وَالسِّيَرِ بِالضَّرُورَةِ ، بَلْ مَنْ لَهُ إِلْمَامٌ بِالسُّنَّةِ ، وَأَيَّامِ الْإِسْلَامِ ، وَسِيرَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَيْفِيَّةِ إِسْلَامِ الصَّحَابَةِ ، وَنِسَائِهِمْ يَعْلَمُ عِلْمًا ضَرُورِيًّا لَا يَشْكُّ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ يَعْتَبِرُ فِي بَقَاءِ النِّكَاحِ أَنْ يَتَلَفَّظَ الزَّوْجَانِ بِالْإِسْلَامِ تَلَفُّظًا وَاحِدًا ، لَا يَتَقَدَّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِحَرْفٍ ، وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ بِحَرْفٍ ، لَا قَبْلَ الْفَتْحِ وَلَا بَعْدَهُ إِلَى أَنْ تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَيَعْلَمُ عِلْمًا ضَرُورِيًّا أَنَّهُ لَمْ يُفْسَخْ عَقْدُ نِكَاحِ أَحَدٍ سَبَقَ امْرَأَتَهُ بِالْإِسْلَامِ ، أَوْ سَبَقَتْهُ ، ثُمَّ أَسْلَمَ الثَّانِي لَا فِي الْعِدَّةِ ، وَلَا بَعْدَهَا .
وَكَذَلِكَ أَيْضًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُجَدَّدْ نِكَاحُ أَحَدٍ سَبَقَتْهُ امْرَأَتُهُ بِالْإِسْلَامِ ، أَوْ سَبَقَهَا ، ثُمَّ أَسْلَمَ الثَّانِي لَا فِي الْعِدَّةِ ، وَلَا بَعْدَهَا .
وَكَذَلِكَ أَيْضًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُجَدَّدْ نِكَاحُ أَحَدٍ سَبَقَتْهُ امْرَأَتُهُ ، أَوْ سَبَقَهَا بِالْإِسْلَامِ بِحَيْثُ أَحْضَرَ الْوَلِيَّ وَالشُّهُودَ وَجَدَّدَ الْعَقْدَ وَالْمَهْرَ ، وَتَجْوِيزُ وُقُوعِ مِثْلِ هَذَا - وَلَا يَنْقُلُهُ بَشَرٌ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ - يَفْتَحُ بَابَ تَجْوِيزِ الْمُحَالَاتِ ، وَأَنَّهُ كَانَ لَنَا صَلَاةٌ سَادِسَةٌ ، وَلَمْ يَنْقُلْهَا أَحَدٌ وَأَذَانٌ زَائِدٌ ، وَلَمْ يَنْقُلْهُ أَحَدٌ ، وَمِنْ هَذَا النَّمَطِ ، وَذَلِكَ مِنْ أَبْطَلِ الْبَاطِلِ وَأَبْيَنِ الْمُحَالِ ، فَهَذِهِ سِيرَةُ رَسُولِ اللَّهِ
[ ص: 666 ] - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَحْوَالُهُ وَأَحْوَالُ أَصْحَابِهِ بَيْنَ أَظْهَرِ الْأُمَّةِ تَشْهَدُ بِبُطْلَانِ مَا ذَكَرَهُ ، وَأَنَّ إِضَافَتَهُ إِلَيْهِ مَحْضُ الْكَذِبِ ، وَالْقَوْلِ عَلَيْهِ بِلَا عِلْمٍ .
فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16709عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350378أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ ابْنَتَهُ عَلَى أَبِي الْعَاصِ بِمَهْرٍ جَدِيدٍ ، وَنِكَاحٍ جَدِيدٍ رَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ ، فَكَيْفَ تَقُولُونَ : إِنَّهُ لَمْ يُجَدِّدْ لِأَحَدٍ مِمَّنْ تَقَدَّمَ إِسْلَامُ امْرَأَتِهِ نِكَاحًا ؟
قِيلَ : هَذَا الْحَدِيثُ لَا يَصِحُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : قَالَهُ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ .
قَالَ
التِّرْمِذِيُّ : " فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ " .
[ ص: 667 ] وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ : " هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ ، وَالْحَدِيثُ الصَّحِيحُ : الَّذِي رُوِيَ أَنَّهُ أَقَرَّهَا عَلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ " هَذَا لَفْظُهُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ : " هَذَا حَدِيثٌ لَا يَثْبُتُ ، وَالصَّوَابُ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّهَا بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ " .
وَقَالَ
التِّرْمِذِيُّ فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350379أَنَّهُ رَدَّهَا بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ فَكَانَ إِسْلَامُهَا قَبْلَ إِسْلَامِهِ بِسِتِّ سِنِينَ ، وَلَمْ يُحْدِثْ نِكَاحًا " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ لَيْسَ بِإِسْنَادِهِ بَأْسٌ .
[ ص: 668 ] فَإِنْ قِيلَ : الْكَلَامُ مَعَ مَنْ صَحَّحَ هَذَا الْحَدِيثَ ، فَإِنَّهُ حَدِيثٌ مُضْطَرِبٌ : قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ " كَانَ بَيْنَ إِسْلَامِهِمَا سَنَتَانِ " ، وَرُوِيَ " سِتُّ سِنِينَ " ، وَلَا يَصِحُّ وَاحِدٌ مِنَ الْأَمْرَيْنِ ، فَإِنَّ
زَيْنَبَ لَمْ تَزَلْ مُسْلِمَةً مِنْ بَعْثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ،
وَأَبُو الْعَاصِ أَسْلَمَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ فِي زَمَنِ الْهُدْنَةِ ، فَبَيْنَ إِسْلَامِهِ ، وَإِسْلَامِهَا ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً ، أَوْ مَا يَزِيدُ عَلَيْهَا ، وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ مَنْ رَوَى " سَنَتَيْنِ " هِيَ غَلَطٌ قَطْعًا ، فَإِنَّ
زَيْنَبَ لَمْ تَبْقَ مُشْرِكَةً إِلَى السَّنَةِ الرَّابِعَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ ، وَالْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنِ إِسْحَاقَ ، وَكَلَامُ الْأَئِمَّةِ فِيهِ مَعْرُوفٌ .
فَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ : مِنْ أَيْنَ لَكُمْ تَقَدُّمُ إِسْلَامِ
زَيْنَبَ مِنْ أَوَّلِ الْمَبْعَثِ ، فَإِنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ
nindex.php?page=showalam&ids=9920أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ ، وَهُوَ مُشْرِكٌ ، وَأَصَحُّ مَا فِي تَقَدُّمِ إِسْلَامِهَا حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهَا أَسْلَمَتْ حِينَ هَاجَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى
الْمَدِينَةِ .
[ ص: 669 ] وَكَذَلِكَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابْنُ شِهَابٍ : أَسْلَمَتْ
زَيْنَبُ ، وَهَاجَرَتْ بَعْدَ هِجْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَيَأْتِي ذِكْرُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ إِسْلَامُهَا مِنْ حِينِ الْمَبْعَثِ كَمَا حَكَى فِيهِ الْإِجْمَاعَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ ، فَقَالَ : " وَقَدْ أَسْلَمَتْ
زَيْنَبُ فِي أَوَّلِ مَبْعَثِ أَبِيهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ ، ثُمَّ هَاجَرَتْ إِلَى
الْمَدِينَةِ ، وَزَوْجُهَا كَافِرٌ ، فَكَانَ بَيْنَ إِسْلَامِهَا وَإِسْلَامِهِ أَزْيَدُ مِنْ ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً ، وَقَدْ وَلَدَتْ فِي خِلَالِ ذَلِكَ
عَلِيَّ بْنَ أَبِي الْعَاصِ ، " وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ
أَبُو مُحَمَّدٍ هُوَ الْحَقُّ ، وَأَنَّهَا لَمْ تَزَلْ مُسْلِمَةً مِنْ حِينِ بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُمْكِنُ التَّوْقِيتُ بِالسَّنَتَيْنِ أَوْ بِالسِّتِّ كَانَ بَيْنَ إِسْلَامِهِ ، وَظُهُورِ إِسْلَامِهَا ، وَإِعْلَانِهِ بِالْهِجْرَةِ ، فَإِنَّ نِسَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ كُنَّ يَسْتَخْفِينَ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ بِالْإِسْلَامِ فِي
مَكَّةَ ، فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَظْهَرَ مَنْ هَاجَرَ مَعَهُ مِنْهُنَّ إِسْلَامَهَا ،
وَزَيْنَبُ هَاجَرَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَعْدَ وَقْعَةِ
بَدْرٍ ، فَكَانَ بَيْنَ ظُهُورِ إِسْلَامِهَا بِهِجْرَتِهَا ، وَإِسْلَامِ
أَبِي الْعَاصِ سَنَتَانِ .
وَأَمَّا السِّتُّ سِنِينَ فَهِيَ بَيْنَ ظُهُورِ الْإِسْلَامِ الْعَامِّ بِالْهِجْرَةِ ، وَإِسْلَامِ
أَبِي الْعَاصِ .
[ ص: 670 ] عَلَى أَنَّ
عَبْدَ الرَّزَّاقِ قَدْ ذَكَرَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابْنِ شِهَابٍ قَالَ :
[ ص: 671 ] أَسْلَمَتْ nindex.php?page=showalam&ids=437زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَاجَرَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْهِجْرَةِ الْأُولَى ، وَزَوْجُهَا nindex.php?page=showalam&ids=9920أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ بِمَكَّةَ مُشْرِكٌ ، ثُمَّ شَهِدَ أَبُو الْعَاصِ " بَدْرًا " مُشْرِكًا ، فَأُسِرَ فَفُدِيَ ، وَكَانَ مُوسِرًا ، ثُمَّ شَهِدَ " أُحُدًا " مُشْرِكًا ، وَرَجَعَ إِلَى مَكَّةَ ، وَمَكَثَ بِهَا مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ تَاجِرًا فَأُسِرَ بِطَرِيقِ الشَّامِ ، أَسَرَهُ نَفَرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ ، فَدَخَلَتْ [ ص: 672 ] زَيْنَبُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ : إِنَّ الْمُسْلِمِينَ يُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَدْنَاهُمْ ، فَقَالَ : وَمَا ذَاكَ يَا زَيْنَبُ ؟ فَقَالَتْ : أَجَرْتُ أَبَا الْعَاصِ . فَقَالَ : " قَدْ أَجَرْتُ جِوَارَكِ " ثُمَّ لَمْ يُجِرْ جِوَارَ امْرَأَةٍ بَعْدَهَا ، ثُمَّ أَسْلَمَا ، فَكَانَا عَلَى نِكَاحِهِمَا .
وَكَانَ عُمَرُ خَطَبَهَا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَذَكَرَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ ، فَقَالَتْ : أَبُو الْعَاصِ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ عَلِمْتَ ، وَقَدْ كَانَ نِعْمَ الصِّهْرُ ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَنْتَظِرَهُ ، فَسَكَتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ ذَلِكَ .
قُلْتُ : قَوْلُهُ : " ثُمَّ أَسْلَمَا " أَيِ اجْتَمَعَا عَلَى الْإِسْلَامِ ، وَإِلَّا
فَزَيْنَبُ أَسْلَمَتْ
[ ص: 673 ] قَبْلَهُ قَطْعًا ، وَهَاجَرَتْ بَعْدَ "
بَدْرٍ " قَطْعًا كَمَا فِي " الْمُسْنَدِ " ، وَ " السُّنَنِ " مِنْ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350382حَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ : لَمَّا بَعَثَ أَهْلُ مَكَّةَ فِي فِدَاءِ أَسْرَاهُمْ بَعَثَتْ زَيْنَبُ فِي فِدَاءِ أَبِي الْعَاصِ بِمَالٍ ، وَبَعَثَتْ فِيهِ بِقِلَادَةٍ لَهَا كَانَتْ عِنْدَ nindex.php?page=showalam&ids=10640خَدِيجَةَ أَدْخَلَتْهَا بِهَا عَلَى أَبِي الْعَاصِ . قَالَتْ فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَقَّ لَهَا رِقَّةً شَدِيدَةً ، وَقَالَ : " إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا " ، قَالُوا : نَعَمْ . وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ عَلَيْهِ ، أَوْ وَعَدَهُ ، أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَ زَيْنَبَ إِلَيْهِ ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - nindex.php?page=showalam&ids=138زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَرَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ ، فَقَالَ : " كُونَا بِبَطْنِ يَأْجِجَ حَتَّى تَمُرَّ بِكُمَا زَيْنَبُ فَتَصْحَبَاهَا حَتَّى تَأْتِيَا بِهَا " .
[ ص: 674 ] وَأَمَّا تَعَلُّقُكُمْ عَلَى
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فَتَعَلُّقٌ ضَعِيفٌ ، وَقَدْ صَحَّحَ الْأَئِمَّةُ حَدِيثَهُ هَذَا ، وَبَيَّنُوا أَنَّهُ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=16709عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّهُ رَدَّهَا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَثْبُتُ ، كَمَا تَقَدَّمَ حِكَايَةُ كَلَامِهِمْ ، وَثَنَاءُ الْأَئِمَّةِ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنِ إِسْحَاقَ وَشَهَادَتُهُمْ لَهُ بِالْإِمَامَةِ ، وَالْحِفْظِ ، وَالصِّدْقِ أَضْعَافُ أَضْعَافِ الْقَدْحِ فِيهِ .
[ ص: 675 ] [ ص: 676 ] وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ حَدِيثِ
زَيْنَبَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بِأَجْوِبَةٍ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ أَوْ فَاسِدَةٌ ، وَنَحْنُ نَذْكُرُهَا .
قَالَ
أَبُو عُمَرَ : " إِنْ صَحَّ حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا ، فَلَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ :
إِمَّا أَنَّهَا لَمْ تَحِضْ ثَلَاثَ حِيَضٍ حَتَّى أَسْلَمَ زَوْجُهَا .
وَإِمَّا أَنَّ الْأَمْرَ فِيهَا مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ ) ، يَعْنِي فِي عِدَّتِهِنَّ ، وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ : أَنَّهُ عَنَى بِهِ الْعِدَّةَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابْنُ شِهَابٍ فِي قِصَّةِ
زَيْنَبَ هَذِهِ : كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْفَرَائِضُ .
قَالَ
قَتَادَةُ : كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ سُورَةُ " بَرَاءَةٌ " بِقَطْعِ الْعُهُودِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ .
وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16709عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ ابْنَتَهُ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=9920أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ ، وَإِذَا كَانَ هَذَا سَقَطَ الْقَوْلُ فِي قِصَّةِ
زَيْنَبَ .
[ ص: 677 ] وَكَذَلِكَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيُّ - مَعَ عِلْمِهِ بِالْمَغَازِي - " إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَرُدَّ
زَيْنَبَ إِلَى
أَبِي الْعَاصِ إِلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ " ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=11459الْكَافِرَةِ تُسْلِمُ ، وَيَأْبَى زَوْجُهَا الْإِسْلَامَ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا ، أَنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا إِلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ .
وَهَذَا كُلُّهُ يَتَبَيَّنُ بِهِ أَنَّ قَوْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - : " رَدَّهَا عَلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ " أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ عَلَى مِثْلِ الصَّدَاقِ الْأَوَّلِ إِنْ صَحَّ ، وَحَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=16709عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عِنْدَنَا صَحِيحٌ " انْتَهَى كَلَامُهُ .
قُلْتُ : أَمَّا كَوْنُهَا لَمْ تَحِضْ فِي تِلْكَ السِّنِينَ السِّتِّ إِلَّا ثَلَاثَ حِيَضٍ فَهَذَا - مَعَ أَنَّهُ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ وَخِلَافُ مَا طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهِ النِّسَاءَ - فَمِثْلُهُ لَوْ وَقَعَ لَنُقِلَ ، وَلَمْ يَنْقُلْ ذَلِكَ أَحَدٌ ، وَلَمْ يَحُدَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَقَاءَ النِّكَاحِ بِمُدَّةِ الْعِدَّةِ حَتَّى يُقَالَ : لَعَلَّ عِدَّتَهَا تَأَخَّرَتْ ، فَلَا التَّحْدِيدُ بِالثَّلَاثِ حِيَضٍ ثَابِتٌ ، وَلَا تَأَخُّرُهَا سِتَّ سِنِينَ مُعْتَادٌ .
[ ص: 678 ] وَأَمَّا ادِّعَاءُ نَسْخِ الْحَدِيثِ فَأَبْعَدُ وَأَبْعَدُ ، فَإِنَّ شُرُوطَ النَّسْخِ مُنْتَفِيَةٌ ، وَهِيَ وُجُودُ الْمُعَارِضِ ، وَمُقَاوَمَتُهُ ، وَتَأَخُّرُهُ ، فَأَيْنَ مَعَكُمْ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ ؟
وَأَعْجَبُ مِنْ هَذَا دَعْوَى أَنْ يَكُونَ النَّاسِخُ قَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ ) ، فَإِنَّ هَذَا فِي الْمُطَلَّقَاتِ الرَّجْعِيَّاتِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ ، وَاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ : أَنَّ إِسْلَامَ الْمَرْأَةِ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ يَكُونُ بَعْلُهَا أَحَقَّ بِرَدِّهَا فِي عِدَّتِهَا ، وَالَّذِينَ يَحْكُمُونَ بِالْفُرْقَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَا يُوقِعُونَهَا مِنْ حِينِ الْإِسْلَامِ ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ مِنْ حِينِ التَّطْلِيقِ ، وَيَكُونُ لِلزَّوْجِ الرَّجْعَةُ فِي زَمَنِ الْعِدَّةِ .
وَأَمَّا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيِّ : " إِنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْفَرَائِضُ " ، فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْحَدِيثَ مَنْسُوخٌ ، فَيُقَالُ : وَأَيْنَ النَّاسِخُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ سُنَّةِ رَسُولِهِ ؟ فَإِنْ قَالَ : النَّاسِخُ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) ، فَيُقَالُ : هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ صُلْحِ
الْحُدَيْبِيَةِ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ ، وَرَدُّ
زَيْنَبَ عَلَى
أَبِي الْعَاصِ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَّا قَدِمَ مِنَ
الشَّامِ فِي زَمَنِ الْهُدْنَةِ ، وَلِهَذَا
[ ص: 679 ] قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لِزَيْنَبَ "
أَكْرِمِي مَثْوَاهُ ، وَلَكِنْ لَا يَصِلُ إِلَيْكِ " ، امْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) ، ثُمَّ ذَهَبَ
أَبُو الْعَاصِ إِلَى
مَكَّةَ فَرَدَّ الْوَدَائِعَ ، وَالْأَمَانَاتِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ ، ثُمَّ جَاءَ فَأَسْلَمَ ، فَرَدَّهَا عَلَيْهِ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ .
وَقَوْلُهُ : " إِنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْفَرَائِضُ " لَمْ يُرِدْ بِهِ فَرَائِضَ الْإِسْلَامِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300فَابْنُ شِهَابٍ أَعْلَمُ وَأَجَلُّ مِنْ أَنْ يُرِيدَ ذَلِكَ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ فَرِيضَةَ تَحْرِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=11004_11005نِكَاحِ الْمُشْرِكِ ، وَالْمُشْرِكَةِ .
وَأَقْصَى مَا يُقَالُ : إِنَّ رَدَّ
زَيْنَبَ عَلَى
أَبِي الْعَاصِ ، وَنُزُولَ آيَةِ التَّحْرِيمِ كَانَا فِي زَمَنِ الْهُدْنَةِ ، فَمِنْ أَيْنَ يُعْلَمُ تَأَخُّرُ نُزُولِ الْآيَةِ عَنْ قِصَّةِ الزَّوْجَيْنِ ، لِتَكُونَ نَاسِخَةً لَهَا ؟ وَلَا يُمْكِنُ دَعْوَى النَّسْخِ بِالِاحْتِمَالِ .
وَأَمَّا قَوْلُ
قَتَادَةَ : كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ سُورَةُ " بَرَاءَةٌ " بِقَطْعِ الْعُهُودِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَالْمُشْرِكِينَ فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ " بَرَاءَةٌ " وَلَكِنْ أَيْنَ فِي
[ ص: 680 ] سُورَةِ بَرَاءَةٌ مَا يَدُلُّ عَلَى إِبْطَالِ مَا مَضَتْ بِهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ حِينِ بُعِثَ إِلَى أَنْ تَوَفَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ عَدَمِ
nindex.php?page=treesubj&link=11453التَّفْرِيقِ بَيْنَ الرَّجُلِ ، وَالْمَرْأَةِ ، إِذَا سَبَقَ أَحَدُهُمَا بِالْإِسْلَامِ ؟ وَالْعُهُودُ الَّتِي نَبَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمُشْرِكِينَ هِيَ عُهُودُ الصُّلْحِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ ، فَهِيَ بَرَاءَةٌ مِنَ الْعَقْدِ ، وَالْعَهْدِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ ، وَلَا تَعَرُّضَ فِيهَا لِلنِّكَاحِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ ، وَقَدْ أَكَدَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْبَرَاءَةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَالْكُفَّارِ قَبْلَ ذَلِكَ فِي سُورَةِ " الْمُمْتَحَنَةِ " وَغَيْرِهَا ، وَلَكِنَّ هَذَا لَا يُنَاقِضُ تَرَبُّصَ الْمَرْأَةِ بِنِكَاحِهَا إِسْلَامَ زَوْجِهَا ، فَإِنْ أَسْلَمَ كَانَتِ امْرَأَتَهُ وَإِلَّا فَهِيَ بَرِيئَةٌ مِنْهُ .
[ ص: 681 ] وَأَمَّا قَوْلُهُ : وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16709عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ : أَنَّهُ رَدَّهَا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ ، فَلَوْ وَصَلَ إِلَى
عَمْرٍو لَكَانَ حُجَّةً ، فَإِنَّا لَا نَدْفَعُ حَدِيثَ
nindex.php?page=showalam&ids=16709عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، وَلَكِنْ دُونَ الْوُصُولِ إِلَيْهِ مَفَاوِزُ مُجْدِبَةٌ مُعْطِشَةٌ لَا تُسْلَكُ ، فَلَا يُعَارَضُ بِحَدِيثِهِ الْحَدِيثُ الَّذِي شَهِدَ الْأَئِمَّةُ بِصِحَّتِهِ .
[ ص: 682 ] وَأَمَّا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيِّ : إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَرُدَّهَا إِلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ ، فَهَذَا إِنْ صَحَّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيِّ فَإِنْ كَانَ قَالَهُ بِرَأْيِهِ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ ، وَإِنْ كَانَ قَالَهُ رِوَايَةً فَهُوَ مُنْقَطِعٌ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ ، فَبَيْنَ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيِّ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَفَازَةٌ لَا يُدْرَى حَالُهَا .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : لَا خِلَافَ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=11459الْكَافِرَةِ تُسْلِمُ ، وَيَأْبَى زَوْجُهَا الْإِسْلَامَ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا ، أَنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا إِلَّا بِنِكَاحٍ ، فَهَذَا قَالَهُ
أَبُو عُمَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِحَسَبِ مَا بَلَغَهُ ، وَإِلَّا فَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الْمُسْلِمَةِ مَذَاهِبَ تِسْعَةً ، وَذَكَرْنَا مَذْهَبَ
عَلِيٍّ وَلَا يُحْفَظُ اعْتِبَارُ الْعِدَّةِ عَنْ صَاحِبٍ وَاحِدٍ أَلْبَتَّةَ ، وَأَرْفَعُ مَا فِيهِ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيِّ الَّذِي رَوَاهُ
مَالِكٌ عَنْهُ فِي " الْمُوَطَّأِ " ، وَلَفْظُهُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350384أَنَّ أُمَّ حَكِيمِ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَسْلَمَتْ يَوْمَ الْفَتْحِ بِمَكَّةَ ، وَهَرَبَ زَوْجُهَا nindex.php?page=showalam&ids=28عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ مِنَ الْإِسْلَامِ حَتَّى قَدِمَ الْيَمَنَ ، فَارْتَحَلَتْ أُمُّ حَكِيمٍ حَتَّى قَدِمَتْ عَلَى زَوْجِهَا بِالْيَمَنِ ، وَدَعَتْهُ إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ ، وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَايَعَهُ فَثَبَتَا عَلَى نِكَاحِهِمَا ذَلِكَ " .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابْنُ شِهَابٍ : وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=11459امْرَأَةً هَاجَرَتْ إِلَى اللَّهِ ، وَإِلَى رَسُولِهِ ، وَزَوْجُهَا كَافِرٌ مُقِيمٌ بِدَارِ الْكُفْرِ إِلَّا فَرَّقَتْ هِجْرَتُهَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا إِلَّا أَنْ يَقْدَمَ زَوْجُهَا مُهَاجِرًا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا ، وَأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ امْرَأَةً فُرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا إِذَا قَدِمَ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا ، فَلَا يُعْرَفُ فِي اعْتِبَارِ الْعِدَّةِ غَيْرُ هَذَا الْأَثَرِ .
[ ص: 683 ] وَأَمَّا قَوْلُهُ : إِنَّهُ رَدَّهَا عَلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ : أَيْ عَلَى مِثْلِ الصَّدَاقِ الْأَوَّلِ ، فَلَا يَخْفَى ضَعْفُهُ وَفَسَادُهُ ، وَأَنَّهُ عَكْسُ الْمَفْهُومِ مِنْ لَفْظِ الْحَدِيثِ ، وَقَوْلُهُ : " لَمْ يُحْدِثْ شَيْئًا " يَأْبَاهُ وَنَحْنُ نَذْكُرُ أَلْفَاظَ الْحَدِيثِ لِنُبَيِّنَ أَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ ذَلِكَ :
فَفِي " الْمُسْنَدِ " ، وَ " السُّنَنِ " مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350385أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ ابْنَتَهُ زَيْنَبَ عَلَى زَوْجِهَا أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ لَمْ يُحْدِثْ شَيْئًا " .
وَفِي لَفْظٍ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350386بِنِكَاحِهَا الْأَوَّلِ لَمْ يُحْدِثْ صَدَاقًا " .
وَفِي لَفْظٍ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350387شَهَادَةً وَلَا صَدَاقًا " .
وَفِي لَفْظٍ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350388لَمْ يُحْدِثْ نِكَاحًا " .
فَهَذَا كُلُّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ أَبْقَاهُمَا عَلَى نَفْسِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ ، لَا يَحْتَمِلُ الْحَدِيثُ غَيْرَ ذَلِكَ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : " فَحَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=16709عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عِنْدَنَا صَحِيحٌ " فَنَعَمْ ، إِذَا وَصَلَ إِلَيْهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ ، وَهَذَا مُنْتَفٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا تَقَدَّمَ .
[ ص: 684 ] قَالَ
التِّرْمِذِيُّ فِي " كِتَابِ الْعِلَلِ " : سَأَلْتُ عَنْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ
[ عَنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ ] ؟ فَقَالَ : حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَصَحُّ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=16709عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ
[ عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ] .
وَذَكَرَ
أَبُو عُبَيْدٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17293يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ : أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=15689حَجَّاجَ بْنَ أَرْطَاةَ - وَهُوَ رَاوِيهِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16709عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ - لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ
عَمْرٍو ، وَأَنَّهُ مِنْ حَدِيثِ
مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيِّ ، عَنْ
عَمْرٍو .
قَالَ
الْبَيْهَقِيُّ : " فَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يَعْبَأُ بِهِ أَحَدٌ يَدْرِي مَا الْحَدِيثُ " .
قَالَ : " وَالَّذِي ذَكَرَهُ بَعْضُ النَّاسِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، وَحَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، بِأَنْ قَالَ : عَلِمَ
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو بِتَحْرِيمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ رُجُوعَ الْمُؤْمِنَاتِ إِلَى الْكُفَّارِ ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِنْدَهُ إِلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ " .
وَأَمَّا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ فَلَمْ يَعْلَمْ بِتَحْرِيمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْمُؤْمِنَاتِ عَلَى الْكُفَّارِ حَتَّى عَلِمَ بِرَدِّ
زَيْنَبَ عَلَى
أَبِي الْعَاصِ فَقَالَ : رَدَّهَا بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا عِنْدَهُ فَسْخُ نِكَاحٍ " .
[ ص: 685 ] قَالَ
الْبَيْهَقِيُّ : " وَلَيْسَ هَذَا بِجَمْعٍ صَحِيحٍ ، وَمَا هُوَ إِلَّا سُوءُ ظَنٍّ بِالصَّحَابَةِ ، حَيْثُ نَسَبَهُمْ إِلَى الْمُجَازَفَةِ بِرِوَايَةِ الْحَدِيثِ عَلَى مَا وَقَعَ لَهُمْ مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ ، وَحَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو لَمْ يُثْبِتْهُ الْحُفَّاظُ عَلَى مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ لَمْ يَقُلْ : " رَدَّهَا عَلَيْهِ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ ، وَلَمْ يُحْدِثْ شَيْئًا " إِلَّا بَعْدَ إِحَاطَةِ الْعِلْمِ بِهِ بِنَفْسِهِ ، أَوْ عَمَّنْ يَثِقُ بِهِ ، وَكَيْفَ يَشْتَبِهُ عَلَى مِثْلِهِ نُزُولُ الْآيَةِ فِي " الْمُمْتَحَنَةِ " قَبْلَ رَدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْنَتَهُ عَلَى
أَبِي الْعَاصِ ؟ وَإِنِ اشْتَبَهَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي وَقْتِ نُزُولِهَا لَمْ يَشْتَبِهْ عَلَى مِثْلِهِ الْخَبَرُ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ عَلِمَ مَنَازِلَ الْقُرْآنِ ، وَتَأْوِيلَهُ ، هَذَا بَعِيدٌ لَا يَجُوزُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ " انْتَهَى كَلَامُهُ .
قَالَ أَصْحَابُ هَذَا الْقَوْلِ : ثُمَّ نَقُولُ : دَعُونَا مِنْ هَذَا كُلِّهِ ، وَهَبْ أَنَّهُ صَحَّ لَكُمْ جَمِيعُ مَا ذَكَرْتُمْ فِي قِصَّةِ
زَيْنَبَ ، فَمِنْ أَيْنَ لَكُمْ أَنَّ الْمُرَاعَى فِي أَمْرِ
أَبِي الْعَاصِ ، وَأَمْرِ
هِنْدَ ، وَامْرَأَةِ
صَفْوَانَ ،
وَأُمِّ حَكِيمٍ ، وَسَائِرِ مَنْ أَسْلَمَ إِنَّمَا هُوَ الْعِدَّةُ ؟ وَمَنْ أَخْبَرَكُمْ بِهَذَا ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ وَلَا الْحِسَانِ ذِكْرُ عِدَّةٍ فِي ذَلِكَ ، وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهَا أَصْلًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ، وَلَا سُنَّةِ رَسُولِهِ ، وَلَا إِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ ؟ قَالُوا : وَلَا عِدَّةَ فِي دِينِ اللَّهِ إِلَّا فِي طَلَاقٍ ، أَوْ خُلْعٍ ، أَوْ وَفَاةٍ ، أَوْ عِتْقٍ تَحْتَ عَبْدٍ ، أَوْ حُرٍّ ، فَمِنْ أَيْنَ جِئْتُمُونَا بِهَذِهِ الْعِدَّةِ ، وَجَعَلْتُمُوهَا حَدًّا فَاصِلًا بَيْنَ الزَّوْجِ الْمَالِكِ لِلْعِصْمَةِ ، وَغَيْرِهِ ؟