الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فإن قرأ في الصلاة ) أي قيامها أو بدله ولو قبل الفاتحة ؛ لأنه محلها في الجملة ( سجد الإمام والمنفرد ) الواو بمعنى أو بدليل إفراده الضمير في قوله لقراءته [ ص: 212 ] وآثرها لأنها في التقسيم كما هنا أجود من أو أي كل منهما فحينئذ تنازعه كل من قرأ وسجد وجاز إعمال أحدهما من غير محذور فيه وجوز عدم التنازع بجعل فاعل قرأ مستترا فيه على حد { ثم بدا لهم } أي بدو أي فإن قرأ قارئ إلى آخره ( لقراءته فقط ) أي كل لقراءة نفسه دون غيره نعم استثنى الإمام من قرأ بدلا عن الفاتحة لعجزه عنها آية سجدة .

                                                                                                                              قال فلا يسن له السجود لئلا يقطع القيام المفروض واعتمده التاج السبكي ووجهه بأن ما لا بد منه لا يترك إلا لما لا بد منه ا هـ وفيهما نظر ؛ لأن ذلك إنما يتأتى في القطع لأجنبي أما هو لما هو من مصالح ما هو فيه فلا محذور فيه على أنه لذلك لا يسمى قطعا كما هو واضح ( و ) سجد ( المأموم لسجدة إمامه ) فقط فتبطل بسجوده لقراءة غير إمامه مطلقا ولقراءة إمامه إذا لم يسجد ومن ثم كره للمأموم قراءة آية سجدة [ ص: 213 ] ومنه يؤخذ أن المأموم في صبح الجمعة إذا لم يسمع لا يسن له قراءة سورتها وقراءته لما عدا آيتها يلزمه الإخلال بسنة الموالاة ( فإن سجد إمامه فتخلف ) عنه ( أو انعكس ) الحال بأن سجد هو دون إمامه ( بطلت صلاته ) لما فيه من المخالفة الفاحشة ، ولو لم يعد إلا بعد رفعه رأسه من السجود انتظره أو قبله هوى فإذا رفع قبل سجوده رفع معه ولا يسجد إلا أن يفارقه وهو فراق بعذر ولا يكره لإمام قراءة آية سجدة مطلقا لكن يسن له في السرية تأخير [ ص: 214 ] السجود إلى فراغه لئلا يشوش على المأمومين بل بحث ندب تأخيره في الجهرية أيضا مع الجوامع العظام ؛ لأنه يخلط على المأمومين واعترض الأول بما صح { أنه صلى الله عليه وسلم سجد في الظهر للتلاوة } ويجاب بأنه كان يسمعهم الآية فيها أحيانا فلعله أسمعهم آيتها مع قلتهم فأمن عليهم التشويش أو قصد بيان جواز ذلك ، ولو تركه الإمام سن للمأموم بعد السلام إن قصر الفصل لما يأتي من فواتها بطوله ولو لعذر ؛ لأنها لا تقضى على المعتمد .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وآثرها إلخ ) فيه بحث ؛ لأن الأجودية إنما هي للواو الباقية على معناها كما يعلم من ذلك توجيههم الأجودية لا للتي بمعنى ، أو أيضا كهذه كما قاله فتأمل ( قوله : ووجهه بأن ما لا بد منه إلخ ) قد يوجه ما قاله الإمام بأن للبدل حكم المبدل منه والفاتحة لا سجود لقراءتها فكذا بدلها ، ولو آية سجدة نعم لو لم يحسن الفاتحة فقرأه عنها ، ثم عن السورة فالوجه أن يسجد لقراءته عن السورة م ر .

                                                                                                                              ( قوله : بأن ما لا بد منه ) يحتمل أن المراد بما لا بد منه الأول القيام ( قوله : ولقراءة إمامه إذا لم يسجد ) يستثنى ما لو سلم الإمام ولم يسجد وقصر الفصل فيسن للمأموم السجود وهذا سجود لقراءة الإمام ( قوله : ومن ثم كره للمأموم قراءة إلخ ) قال في شرح الروض لعدم تمكنه من السجود ( قوله : [ ص: 213 ] ومنه يؤخذ إلخ ) قد يمنع الأخذ بأن محل الكراهة ما لم يطلب ما فيه آية السجدة بخصوصه في الصلاة كما في صبح الجمعة وإلا سنت قراءته وإن لم يتمكن من السجود فلو قرأ لا يسجد كما هو ظاهر وظاهره ولو بعد سلامه كإمامه وإن قصر الفصل ؛ لأن المأموم لا يسجد إلا لسجود إمامه ( قوله : في المتن فتخلف عنه ) انظر ما ضابط التخلف المبطل وينبغي أنه إذا استمر في القيام قاصدا ترك السجود بطلت بتلبس الإمام بالسجود وإن لم يرفع عنه لفحش هذه المخالفة ، بل ينبغي البطلان قبل تلبس الإمام بالسجود أيضا ؛ لأن الشروع في المبطل مبطل واستمراره في القيام قاصدا الترك مع أن شروع الإمام في الهوي شروع في المبطل الذي هو ترك السجود مع الإمام ( قوله : بطلت صلاته لما فيه من المخالفة الفاحشة ) من غير عذر قال في شرح العباب بخلاف ما إذا نسي ، أو جهل وإن لم يكن قريب عهد بإسلام نظير ما مر والكلام حيث لم ينو مفارقته ، ثم هل ذلك فراق بعذر مقتضى كلام المجموع نعم ونقله ابن الرفعة في سجود السهو عن التهذيب لكنه قال هنا إنها بغير عذر بخلاف تركه نحو التشهد ؛ لأن الخلل بفقده أعظم ا هـ ما في شرح العباب .

                                                                                                                              فإن قلت المأموم بعد فراقه غايته أنه منفرد ، والمنفرد لا يسجد لقراءة غيره قلت فرق بينهما ؛ لأن قراءة الإمام تتعلق بالمأموم ولذا يطلب منه الإصغاء لها فتأمله سم ( قوله لما فيه من المخالفة الفاحشة ) قد يؤخذ منه أنه لو بطلت صلاة الإمام عقب قراءة آية السجدة وقبل سجوده ، أو فارقه المأموم حينئذ أنه يسجد لعدم المخالفة وقد سمع قراءة مشروعة تقتضي طلب السجود منه كإمامه وإنما منعنا انفراده بالسجود للمخالفة وقد زالت وهو محل نظر وعليه لا ينافيه قولهم فسجد المأموم لسجود إمامه لا لقراءته ؛ لأن ذاك مع استمرار القدوة ولأن المنفرد لا يسجد لقراءة الإمام ؛ لأنه لا علقة بينهما ، والانفراد هنا عارض ( قوله إلا أن يفارقه ) ظاهره أنه بعد المفارقة يجوز سجوده ، بل يطلب ويؤيده قوله وهو فراق بعذر ( قوله : وهو فراق بعذر ) كذا شرح م ر ( قوله : لكن يسن له في السرية تأخير [ ص: 214 ] السجود إلى فراغه ) قال في العباب كشرح الروض تبعا للإسنوي وفعله أي وندب له فعله أي السجود بعده أي بعد السلام إن قصر الفصل ا هـ



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله أي قيامها ) إلى قوله وجوز في المغني [ ص: 212 ] إلا قوله الواو إلى أي كل وإلى قول الشارح وفيهما نظر في النهاية إلا قوله وجوز إلى المتن ( قوله وآثرها إلخ ) فيه بحث لأن الأجودية إنما هي للواو الباقية على معناها كما يعلم ذلك من توجيههم للأجودية لا التي بمعنى أو أيضا كهذه كما قال فتأمل سم ( قوله أي كل منهما ) حل معنى لا إعراب لأنه بعد جعل الواو بمعنى أو لا يحتاج إلى التأويل بكل ع ش ( قوله فحينئذ ) أي حين التأويل بكل منهما نهاية ومغني ر يحتمل أن المراد حين التأويل بأو ( قوله تنازعه ) أي تنازع في الإمام والمنفرد مغني .

                                                                                                                              ( قوله وجاز إلخ ) عبارة النهاية والمغني فالفراء يعملهما فيه والكسائي يقول حذف فاعل الأول والبصريون يبرزونه والفاعل المضمر عندهم مفرد لا مثنى لأنه لو كان ضمير تثنية لبرز على رأيهم فيصير وإن قرآ ثم الإفراد مع عوده على اثنين بتأويل كل منهما كما تقدم فالتركيب صحيح على مذهب البصريين كغيره من المذهبين قبله ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله على حد { ثم بدا لهم } ) أي بأن يكون مرجع الضمير المستتر مدلولا عليه بلفظ الفعل كما في قولهم

                                                                                                                              لقد حيل بين العير والنزوان

                                                                                                                              وقوله أي بدو فاعل بدا المدلول عليه بلفظه و ( قوله قارئ ) فاعل قرأ المدلول عليه بلفظه أيضا قاله الكردي لكن المعروف في كتب النحو تفسير حد { ثم بدا لهم } بكون الفعل مسندا إلى ضمير مصدره وجعل الفعل بمعنى وقع ومعلوم أنه ليس من هذا قوله أي فإن قرأ قارئ إلخ ولعل هذا من جملة ما أشار إليه الشارح بصيغة التمريض ( قوله دون غيره ) أي من مصل وغيره وإلا بطلت صلاته إن علم وتعمد شرح بافضل ونهاية ومغني ( قوله نعم استثنى الإمام إلخ ) اعتمده النهاية وفاقا لوالده ( قوله ووجهه بأن ما إلخ ) وقد يوجه ما قاله الإمام أيضا بأن للبدل حكم المبدل منه والفاتحة لا سجود لقراءتها فكذا بدلها ولو آية سجدة نعم لو لم يحسن إلا قدر الفاتحة فقرأه عنها ثم عن السورة فالوجه أنه يسجد لقراءته م ر ا هـ سم على حج ا هـ ع ش ( قوله لئلا يقطع القيام المفروض ) أي لأنه قيام لمفروض وهو بدل الفاتحة وخرج به القيام للسورة رشيدي .

                                                                                                                              ( قوله إلا لما لا بد منه ) أي كالسجود لمتابعة الإمام رشيدي ( قوله وفيهما إلخ ) أي في تعليلي الإمام والسبكي و ( قوله لأن ذلك ) أي تعليل كل منهما ( قوله أما هو ) أي القطع ( قوله على أنه ) أي القطع أو السجود ( لذلك ) أي لما هو من مصالح ما هو فيه ( قوله لقراءة غير إمامه ) شمل ما لو تبين له حدث إمامه عقب قراءته لها نهاية أي فلا يسجد لتبين أنه ليس بإمام له وخرج بذلك ما لو بطلت صلاة الإمام عقب قراءة آية سجدة وقبل السجود أو فارقه المأموم حينئذ كما يفهمه قوله لوجود المخالفة الفاحشة ؛ لأنا إنما منعنا انفراده بالسجود للمخالفة ، وقد زالت رشيدي وسم ( قوله مطلقا ) أي من نفسه أو غيره نهاية ( قوله ولقراءة إمامه إلخ ) يستثنى منه ما لو سلم الإمام ولم يسجد وقصر الفصل فيسن للمأموم السجود كما يأتي وهذا سجود لقراءة الإمام سم ( قوله ومن ثم كره إلخ ) أي ومن أجل عدم جواز سجود المأموم لقراءة غير إمامه عبارة المغني والروض مع شرحه ويكره للمأموم قراءة آية سجدة وإصغاء لقراءة غير إمامه لعدم تمكنه من السجود ويكره أيضا للمنفرد والإمام الإصغاء لغير قراءتهما ولا يكره لهما قراءة آية سجدة ولو في السرية لكن يستحب للإمام تأخيرها فيها إلى فراغه منها [ ص: 213 ] ومحله عند قصر الفصل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ومنه يؤخذ إلخ ) قد يمنع الأخذ بأن محل الكراهة ما لم يطلب ما فيه آية سجدة بخصوصه في الصلاة كما في صبح الجمعة وإلا سنت قراءته وإن لم يتمكن من السجود فلو قرأ لا يسجد كما هو ظاهر وظاهره ولو بعد سلامه وإن قصر الفصل ؛ لأن المأموم لا يسجد إلا لسجود إمامه سم وفي الكردي عن الجمال الرملي و الزيادي ما يوافقه قول المتن ( فتخلف ) انظر ما ضابطه وينبغي البطلان باستمراره في القيام قاصدا ترك السجود مع شروع الإمام في الهوي ؛ لأن استمراره المذكور شروع في المبطل الذي هو ترك السجود مع الإمام سم قول ( المتن بطلت صلاته ) أي إن علم وتعمد فيهما ولم ينو المفارقة شرح بافضل ومغني ( قوله لما فيه ) إلى المتن في النهاية ( قوله من المخالفة الفاحشة ) أي من غير عذر قال في شرح العباب بخلاف ما إذا نسي أو جهل وإن لم يكن قريب عهد بإسلام نظير ما مر والكلام حيث لم ينو مفارقته انتهى فإن قلت المأموم بعد فراقه غايته أنه منفرد والمنفرد لا يسجد لقراءة غيره قلت فرق بينهما ؛ لأن قراءة الإمام تتعلق بالمأموم ولذا يطلب الإصغاء لها فتأمله سم وقوله فإن قلت إلخ في ع ش مثله .

                                                                                                                              ( قوله انتظره إلخ ) ويجري هذا كما في العباب وشرحه فيما إذا هوى مع الإمام لكن تأخر لعذر كضعف أو بطء حركة أو نسيان كردي ( قوله أو قبله هوى ) أي وإن ظهر له أنه لا يدركه فيه بأن رآه متهيئا للرفع منه لاحتمال استمراره في السجود ا هـ كردي عن الإيعاب ( قوله إلا أن يفارقه ) إلى المتن في المغني إلا قوله واعترض إلى ولو تركه ( قوله إلا أن يفارقه إلخ ) راجع للمتن كما هو صريح صنيع المغني وشرحي العباب وبافضل ( قوله إلا أن يفارقه إلخ ) ظاهره أنه بعد المفارقة يجوز سجوده بل يطلب ويؤيده قوله وهو فراق بعذر سم ورشيدي عبارة البصري قوله إلا أن يفارقه أي فيسجد هذا مقتضى كلامه وهو ظاهر في مأموم سمع آية السجدة ؛ لأنه مأمور بالسجود استقلالا لولا مانع القدوة فلما زال رجع إلى الأصل أما مأموم لم يسمع قراءتها فسجوده محل تأمل ؛ لأنه لمحض المتابعة وقد انقطعت القدوة بنية المفارقة فليحرر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله مطلقا ) أي في السرية والجهرية ( قوله لكن يسن له في السرية إلخ ) محله إذا قصر الفصل نهاية ومغني وأسنى قال الرشيدي ظاهر هذا التعبير أنه إذا لم يقصر [ ص: 214 ] الفصل لا يستحب له التأخير أي بل يسجد وإن شوش على المأمومين وصرح به الشيخ ع ش في الحاشية جازما به من غير عزو لكن عبارة العباب ويندب للإمام تأخير سجوده في السرية عن السلام وفعلها بعده إن قرب الفصل انتهت ا هـ أي وهي محتملة لأن يكون قوله إن قرب الفصل قيدا للمعطوف فقط فتفيد حينئذ ندب التأخير مطلقا ( قوله لئلا يشوش إلخ ) منه يؤخذ أنه لو أمنه لفقه المأمومين ندب له فعلها من غير تأخير وليس ببعيد إيعاب ا هـ كردي ( قوله واعترض الأول ) أي ندب التأخير في السرية ( قوله ولو ترك إلخ ) راجع إلى المتن .




                                                                                                                              الخدمات العلمية