الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإذا حاضت المرأة عند الإحرام اغتسلت وأحرمت وصنعت كما يصنعه الحاج غير أنها لا تطوف بالبيت حتى تطهر ) [ ص: 22 ] لحديث عائشة رضي الله عنها حين حاضت بسرف [ ص: 23 ] ولأن الطواف في المسجد والوقوف في المفازة ، وهذا الاغتسال للإحرام لا للصلاة فيكون مفيدا .

التالي السابق


( قوله : لحديث عائشة رضي الله عنها ) في الصحيحين عنها قالت : { خرجنا لا نرى إلا الحج ، فلما كنا بسرف حضت فدخل رسول صلى الله عليه وسلم وأنا أبكى فقال : ما لك أنفست ؟ قلت : نعم ، قال : إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم . فاقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري } . وأخرجا عن جابر رضي الله عنه قال : { أقبلنا مهلين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بحج مفرد ، وأقبلت عائشة بعمرة حتى إذا كنا بسرف عركت عائشة ، حتى إذا قدمنا طفنا بالكعبة وبالصفا والمروة ، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحل منا من لم يكن معه هدي ، قال : فقلنا حل ماذا ؟ قال : الحل كله ، فواقعنا النساء وتطيبنا ولبسنا ثيابنا وليس بيننا وبين عرفة إلا أربع ليال ، ثم أهللنا يوم التروية ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة وهي تبكي فقال لها ما شأنك ؟ قالت : شأني أني حضت وقد حل الناس ولم أحلل ولم أطف بالبيت والناس يذهبون إلى الحج الآن ، قال : إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم فاغتسلي ثم أهلي بالحج ، ففعلت ووقفت المواقف ، حتى إذا [ ص: 23 ] طهرت طافت بالكعبة وبالصفا والمروة ، ثم قال : قد حللت من حجتك وعمرتك جميعا ، قالت : يا رسول الله إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حتى حججت ، قال : فاذهب بها يا عبد الرحمن فأعمرها من التنعيم } ا هـ .

وقد يتمسك به من يكتفي لهما بطواف واحد وهو غير لازم ، ومعنى حللت من حجتك وعمرتك لا يستلزم الخروج منهما بعد قضاء فعل كل منهما ، بل يجوز ثبوت الخروج من العمرة قبل إتمامها ، ويكون عليها قضاؤها ; ألا ترى إلى قولها في الرواية الأخرى في الصحيحين { ينطلقون بحج وعمرة وأنطلق بحج فأقرها على ذلك ولم ينكر عليها ، وأمر أخاها أن يعمرها من التنعيم } وهذا ; لأنها إذا لم تطف للحيض حتى وقفت بعرفة صارت رافضة للعمرة ، وسكوته صلى الله عليه وسلم إلى أن سألته إنما يقتضي تراخي القضاء لا عدم لزومه أصلا . ( قوله : ولأن الطواف في المسجد ) يعني ولا يحل للحائض دخوله . والحاصل أن حرمة الطواف من وجهين : دخولها المسجد وترك واجب الطواف ، فإن الطهارة واجبة في الطواف فلا يحل لها أن تطوف حتى تطهر ، فإن طافت كانت عاصية مستحقة لعقاب الله تعالى ولزمها الإعادة ، فإن لم تعده كان عليها بدنة ، وتم حجها ، والله سبحانه أعلم وأحكم




الخدمات العلمية