الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          ( 4 ) الرؤية في النوم المغناطيسي :

                          النوم المغناطيسي قد اشتهر وكثر ، وهو يحصل بتنويم صناعي يستعان عليه بقوة إرادة بعض الناس وتأثيرهم في أنفس من ينومونه أو ببعض الأعمال التي لا محل لبسطها هنا ، والنائم به يغيب إدراكه وشعوره عن كل شيء ما عدا منومه فإن نفسه تكون رهن تصرفه فإذا أمره بشيء خضع لإرادته بقدر ما في نفسه من الاستعداد لذلك ، وقد ثبت بالتجارب الكثيرة أن المنوم يسأل النائم عن أشياء غائبة أو مستورة : ما هي وأين هي ؟ فعند سؤاله إياه عنها تتوجه نفسه إليها فيراها ويخبره عنها فيصدق .

                          فهذه ثلاثة أضرب أو أنواع من الرؤية للشيء لا عمل للأعين فيها : إلا أن العرب خصت ما يرى في النوم باسم الرؤيا - بالألف - وما يقع في اليقظة باسم الرؤية ، ولم تفرق بينهما في الأفعال ، ولعلها لو عرفت النوع الأول والثالث مما ذكرنا هنا لسمته رؤيا أيضا .

                          روى أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وغيرهم عن ابن عباس - رضي الله عنه - في قوله - تعالى - : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ( 17 : 60 ) قال : هي رؤيا عين أريها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة أسري به إلى بيت المقدس ، وليست رؤيا منام نقول : ولكن الله - تعالى - سماها ( رؤيا ) لا " رؤية " والتحقيق المختار أن الإسراء والمعراج كانا في حالة روحية قوي فيها سلطان الروح على سنن الله في الجسد فصار خفيفا لطيفا كالأجسام التي تتمثل فيها الملائكة للأنبياء عليهم الصلاة والسلام - ، وتمثل فيها الروح للسيدة مريم عليها السلام لا بالروح فقط كما قيل ، ولا في المنام كما في رواية شريك في كتاب التوحيد من صحيح البخاري ، وهو يتفق مع قول من قالوا إنهما بالروح والجسد ؛ إذ إطلاقهم لا ينافي هذا القيد - وإن قيل : إن الجسد الذي حلته روحه الشريفة ليلتئذ غير جسده المعتاد ؛ ليناسب العالم الذي دخل فيه - فكيف ولا مانع من كونه هو بعينه أثرت فيه الروح فلطفته وجعلته كالأثير في لطفه وقوته في هذا العالم الدنيوي ، وبقي السلطان للروح ، فجبريل الذي تمثل للنبي - صلى الله عليه وسلم - بصورة دحية ، ولمريم بصورة شاب جميل الصورة هو جبريل الذي رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - بصورته سادا الأفق الأعلى ، وقال - تعالى - فيهما : فأوحى إلى عبده ما أوحى ( 53 : 10 ) يوضح هذا ما يأتي :

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية