الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2997 9 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن سليمان بن أبي مسلم الأحول ، قال : سمع سعيد بن جبير ، قال : سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول : يوم الخميس ، وما يوم الخميس ؟ ثم بكى حتى بل دمعه الحصى ، قلت : يا ابن عباس ، ما يوم الخميس ؟ قال : اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه ، فقال : ائتوني بكتف أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا فتنازعوا ، ولا ينبغي عند نبي تنازع ، فقالوا : ما له أهجر ؟ استفهموه ، فقال : ذروني ، فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه ، فأمرهم بثلاث ، قال : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ، والثالثة خير : إما أن سكت عنها وإما أن قالها فنسيتها ، قال سفيان : هذا من قول سليمان .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله " أخرجوا المشركين " فإن قلت : الترجمة إخراج اليهود ، والمشرك أعم من اليهود ، قلت : إنما ذكر اليهود في الترجمة لأن أكثرهم يوحدون الله تعالى ، فإذا كان هؤلاء مستحقين الإخراج فغيرهم من الكفار أولى ، ومحمد شيخ البخاري .

                                                                                                                                                                                  قال الجياني : لم ينسبه أحد من الرواة ، وقال بعضهم : هو محمد بن سلام ، وقد ذكر في الوضوء : حدثنا ابن سلام ، حدثنا ابن عيينة . قلت : لا يلزم من قوله " في الوضوء : حدثنا ابن سلام عن ابن عيينة " أن يكون هنا أيضا ابن سلام عن ابن عيينة لأنه قال في عدة مواضع عن محمد بن يوسف البيكندي عن ابن عيينة وروى الإسماعيلي هذا الحديث عن الحسن بن سفيان عن محمد بن خلاد الباهلي عن ابن عيينة وهو سفيان بن عيينة .

                                                                                                                                                                                  والحديث مر في كتاب الجهاد في باب هل يستشفع إلى أهل الذمة ، فإنه أخرجه هناك عن قتيبة عن ابن عيينة إلى آخره ، وقد مر الكلام فيه هناك .

                                                                                                                                                                                  قوله " قال سفيان " أي ابن عيينة هذا من قول سليمان أي الأحول المذكور فيه ، وقال المهلب : إنما أمر بإخراجهم خوف التدليس منهم وأنهم متى رأوا عدوا قويا صاروا معه كما فعلوا برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يوم الأحزاب .

                                                                                                                                                                                  وقال الطبري : فيه من الفقه أن الشارع بين لأمته المؤمنين إخراج كل من دان بغير دين الإسلام من كل بلدة للمسلمين سواء كانت تلك البلدة من البلاد التي أسلم أهلها عليها أو من بلاد العنوة إذا لم يكن للمسلمين بهم ضرورة إليهم مثل كونهم عمارا لأراضيهم ونحو ذلك ، فإن قلت : كان هذا خاصا بمدينة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وسائر جزيرة العرب دون سائر بلاد الإسلام ، إذ لو كان الكل في الحكم سواء لكان صلى الله تعالى عليه وسلم بين ذلك ، قلت : قد ذكرنا أنه إذا كان للمسلمين ضرورة إليهم لا يتعرض لهم ، ألا يرى أنه صلى الله عليه وسلم أقر يهود خيبر بعد قهر المسلمين إياهم لإعمار أرضها للضرورة ، وكذلك فعل الصديق رضي الله تعالى عنه في يهود خيبر ونصارى نجران ، وكذلك فعل عمر رضي الله تعالى عنه بنصارى الشام فإنه أقرهم للضرورة إليهم في عمارة الأرضين إذا كان المسلمون مشغولين بالجهاد .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية