الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الثالثة : قوله : { فإن يتوبوا يك خيرا لهم } : فيه دليل على توبة الكافر الذي يسر الكفر ويظهر الإيمان ، وهو الذي يسميه الفقهاء الزنديق .

                                                                                                                                                                                                              [ ص: 546 ] وقد اختلف في ذلك العلماء ، فقال مالك : لا تقبل له توبة .

                                                                                                                                                                                                              وقال الشافعي : تقبل .

                                                                                                                                                                                                              وليست المسألة كذلك ، وإنما يقول مالك : إن توبة الزنديق لا تعرف ; لأنه كان يظهر الإيمان ويسر الكفر ، ولا يعلم إيمانه إلا بقوله .

                                                                                                                                                                                                              وكذلك يفعل الآن ، وفي كل حين ، يقول : أنا مؤمن ، وهو يضمر خلاف ما يظهر ، فإذا عثرنا عليه وقال : تبت لم يتغير حاله .

                                                                                                                                                                                                              وقبول التوبة لا يكون إلا لتوبة تتغير فيها الحالة الماضية بنقيضها في الآتية .

                                                                                                                                                                                                              ولهذا قلنا : إنه إذا جاء تائبا من قبل نفسه قبل أن يعثر عليه قبلنا توبته ، وهو المراد بالآية ، فإنها ليست بعموم ، فتتناول كل حالة ; وإنما تقتضي القبول المطلقة فيكفي في تحقيق المعنى للفظ وجوده من جهة ، وقد بينا المسألة على الاستيفاء في مسائل الخلاف ، وهذا القدر يتعلق بالأحكام ، وقد بيناه .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية