الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ولا يجوز بيع الثمرة قبل بدو صلاحها ، ولا الزرع قبل اشتداد حبه إلا بشرط القطع في الحال ، ولا يجوز بيع الرطبة والبقول إلا بشرط جزه ، ولا القثاء ونحوه إلا لقطة لقطة إلا أن يبيع أصله .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          فصل

                                                                                                                          ( ولا يجوز بيع الثمرة قبل بدو صلاحها ) أي : بشرط التبقية إجماعا لحديث ابن عمر قال : نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها نهى البائع ، والمبتاع . متفق عليه ، والنهي يقتضي الفساد ( ولا الزرع قبل اشتداد حبه ) [ ص: 166 ] نص عليه لما روى مسلم عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة ، وعن أنس مرفوعا أنه نهى عن بيع الحب حتى يشتد . رواه أحمد ، والحاكم ، وقال على شرط مسلم ( إلا بشرط القطع في الحال ) ، فيصح إجماعا لزوال معنى النهي ، وشرطه أن يكون منتفعا به ويستثنى منه الكمثرى ، وعنه : يجوز مع العزم على القطع .

                                                                                                                          فرع : إذا اشترى نصف ثمرة قبل بدو صلاحها ، أو نصف زرع قبل اشتداده مشاعا لم يجز سواء اشتراه من واحد أو أكثر ، شرط القطع أو لا ؛ لأنه لا يمكنه قطعه إلا بقطع ملك غيره ، فلم يصح اشتراطه .

                                                                                                                          ( ولا يجوز بيع الرطبة ) وهي نبت معروف يقيم في الأرض سنين وهي القضب أيضا وتسمى الفصفصة بفاءين مكسورتين وصادين مهملتين ( والبقول ) كالنعناع ، والهندبا ؛ لأن ما في الأرض مستور مغيب ، وما يحدث منه معدوم ، فلم يجز بيعه كالذي يحدث من الثمرة ( إلا بشرط جزه ) أي : بشرط القطع في الحال ؛ لأن الظاهر منه مبيع معلوم لا جهالة فيه ولا غرر ، أشبه ما جاز بيعه من غيره ( ولا القثاء ونحوه ) كالخيار ، والباذنجان ( إلا لقطة لقطة ) ؛ لأن الزائدة على اللقطة ثمر لم يخلق ، فلم يجز بيعه ، كما لو باعه قبل ظهوره ( إلا أن يبيع أصله ) ؛ لأنه إذا تبع للأصل أشبه الحمل مع أمه وأس الحائط معه ، والأولى رد الاستثناء إلى الكل ؛ لأنه إذا تعقب جملا يعود إلى كلها خصوصا مع اتحاد الحكم ومطابقته فعليه يجوز بيع الثمرة قبل بدو صلاحها إذا بيعت مع الشجر ، والزرع قبل اشتداد [ ص: 167 ] حبه إذا بيع مع الأرض ، وكذا ما بعده ، ولا فرق بين كون الأصل صغارا ، أو كبارا مثمرا أو غير مثمر ؛ لأنه أصل يتكرر فيه الثمرة أشبه الشجر ، وقيل : لا يصح ، كما لو باعها الأصل في أحد الوجهين لعموم الخبر ؛ لأنه لا متبوع ، فلا تابع ، فلو شرط القطع صح قال في " المغني " ، و " الشرح " ، ولا يلزم الوفاء بالشرط ؛ لأن الأصل له ، وهذا يقتضي أن اشتراط القطع حق للآدمي ، وفيه نظر بل هو حق لله تعالى ، والثاني : يصح ، وهو اختيار السامري وصاحب " التلخيص " فيه ؛ لأنه اجتمع الأصل والثمرة للمشتري أشبه ما لو اشتراهما معا .

                                                                                                                          تنبيه : القطن ضربان أحدهما : ما له أصل يبقى في الأرض أعواما فحكمه كالشجر الثاني : ما يتكرر زرعه كل عام فحكمه كالزرع ، فإن كان جوزه ضعيفا رطبا لم يصح بيعه إلا بشرط القطع كالزرع ، وإن قوي واشتد جاز بيعه بشرط التبقية ، وإن بيعت الأرض لم يدخل فيها إلا أن يشترطه المبتاع .




                                                                                                                          الخدمات العلمية