الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : والذين يدعون من دونه الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن جرير ، عن علي في قوله : ( إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه ) قال : كالرجل العطشان يمد يده إلى البئر ليرتفع الماء إليه وما هو ببالغه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : ( كباسط كفيه إلى الماء ) قال : يدعو الماء بلسانه ويشير إليه بيده فلا يأتيه أبدا كذلك لا يستجيب من هو دونه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ ، عن قتادة ( والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه ) وليس ببالغه حتى يتمزع عنقه ويهلك عطشا ، قال الله ( وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ) .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 414 ]

                                                                                                                                                                                                                                      فهذا مثل ضربه الله تبارك وتعالى إن هذا الذي يدعون من دون الله هذا الوثن وهذا الحجر لا يستجيب له بشيء في الدنيا ولا يسوق إليه خيرا ولا يدفع عنه سوءا حتى يأتيه الموت كمثل هذا الذي يبسط ذراعيه إلى الماء ليبلغ فاه ولا يبلغ فاه ولا يصل ذلك إليه حتى يموت عطشا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو عبيد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن عطاء في قوله : ( والذين يدعون من دونه ) الآية ، قال : الرجل يقعد على شفة البئر فيبسط كفيه إلى قعر البئر ليتناول بهما فيده لا تبلغ الماء والماء لا ينزو إلى يده فكذلك لا ينفعهم ما كانوا يدعون من دون الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن بكير بن معروف قال : لما قتل قابيل أخاه جعله الله بناصيته في البحر ليس بينه وبين الماء إلا أصبع وهو يجد برد الماء من تحت قدميه ولا يناله ، وذلك قول الله ( إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه ) فإذا كان الصيف ضرب عليه سبع حيطان من سموم وإذا كان الشتاء ضرب عليه سبع حيطان من ثلج .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن ابن عباس في قوله : ( كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه ) قال : هذا مثل المشرك الذي عبد مع الله غيره فمثله كمثل الرجل العطشان الذي ينظر إلى خياله في الماء من بعيد هو يريد أن يتناوله ولا يقدر عليه .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 415 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية