الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
في حكمه صلى الله عليه وسلم في بيع عسب الفحل وضرابه

في " صحيح البخاري " عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم ( نهى عن عسب الفحل ) .

وفي " صحيح مسلم " عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم ( نهى عن بيع ضراب الفحل ) .

وهذا الثاني تفسير للأول ، وسمى أجرة ضرابه بيعا ؛ إما لكون المقصود هو الماء الذي له ، فالثمن مبذول في مقابلة عين مائه ، وهو حقيقة البيع ، وإما أنه سمى إجارته لذلك بيعا ، إذ هي عقد معاوضة وهي بيع المنافع ، والعادة أنهم يستأجرون الفحل للضراب ، وهذا هو الذي نهي عنه ، والعقد الوارد عليه باطل سواء كان بيعا أو إجارة ، وهذا قول جمهور العلماء ، منهم أحمد والشافعي ، وأبو حنيفة وأصحابهم .

[ ص: 704 ] وقال أبو الوفاء بن عقيل : ويحتمل عندي الجواز ؛ لأنه عقد على منافع الفحل ، ونزوه على الأنثى وهي منفعة مقصودة ، وماء الفحل يدخل تبعا ، والغالب حصوله عقيب نزوه ، فيكون كالعقد على الظئر ؛ ليحصل اللبن في بطن الصبي ، وكما لو استأجر أرضا ، وفيها بئر ماء ، فإن الماء يدخل تبعا ، وقد يغتفر في الأتباع ما لا يغتفر في المتبوعات .

وأما مالك فحكي عنه جوازه ، والذي ذكره أصحابه التفصيل ، فقال صاحب " الجواهر " في باب فساد العقد من جهة نهي الشارع ، ومنها بيع عسب الفحل ، ويحمل النهي فيه على استئجار الفحل على لقاح الأنثى وهو فاسد ؛ لأنه غير مقدور على تسليمه ، فأما أن يستأجره على أن ينزو عليه دفعات معلومة ، فذلك جائز إذ هو أمد معلوم في نفسه ، ومقدور على تسليمه .

التالي السابق


الخدمات العلمية