الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وقيل ) من السنن ( ركعتان خفيفتان قبل المغرب ) لما يأتي ( قلت هما سنة ) غير مؤكدة ( على الصحيح ففي صحيح البخاري الأمر بهما ) لكن بلفظ { صلوا قبل صلاة المغرب قال في الثالثة لمن شاء } كراهية أن يتخذها الناس سنة أي طريقة لازمة فليس المراد في سنتيهما بالمعنى الذي نحن فيه ؛ لأن ثبوت ذلك مدلول صلوا أول الحديث لا سيما وقد صح أن كبار الصحابة رضي الله عنهم كانوا يبتدرون السواري لهما إذا أذن المغرب حتى أن الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صليت من كثرة من يصليهما ، والمراد صلوا ركعتين كما صرحت به رواية أبي داود { صلوا قبل المغرب ركعتين } وقول ابن عمر ما رأيت أحدا يصليهما على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نفي غير محصور وزعم أنه محصور عجيب إذ من المعلوم أن كثيرا من الأزمنة في عهده صلى الله عليه وسلم لم يحضره ابن عمر ولا أحاط بما وقع فيه على أنه لو فرض الحصر فالمثبت معه زيادة علم فليقدم كما قدموا رواية مثبت صلاته صلى الله عليه وسلم في الكعبة على رواية نافيها مع اتفاقهما على أنهما كانا معه فيها وبفرض التساقط يبقى معنا صلوا قبل المغرب ركعتين إذ لا معارض له ، والخبر الصحيح السابق { بين كل أذانين أي أذان وإقامة صلاة } إذ هو يشملها نصا ومن ثم أخذوا منه ندب ركعتين قبل العشاء .

                                                                                                                              ويسن فعلهما بعد إجابة المؤذن ، فإن تعارضت هي وفضيلة التحرم لإسراع [ ص: 224 ] الإمام بالفرض عقب الأذان أخرهما إلى ما بعده ولا يقدمهما على الإجابة على الأوجه .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ومن ثم أخذوا منه ندب ركعتين قبل العشاء ) عبارة شرح المهذب فرع يستحب أن يصلي قبل العشاء الآخرة ركعتين فصاعدا لحديث عبد الله بن مغفل رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { بين كل أذانين صلاة بين كل أذانين صلاة بين كل أذانين صلاة قال في الثالثة لمن شاء } رواه البخاري ومسلم ، والمراد بالأذانين الأذان والإقامة باتفاق العلماء ا هـ وقضية استدلاله بهذا الحديث مع قوله فصاعدا أن المطلوب قبل المغرب أيضا ركعتان فصاعدا لكن في الحديث السابق في الشرح التقييد بالركعتين ( قوله : ويسن فعلهما بعد إجابة المؤذن ، فإن تعارضتا إلخ ) عبارة شرح العباب ويسن أن لا يشتغل بالمتقدمة عن إجابة المؤذن وكلام المجموع لا يخالف ذلك خلافا لما فهمه الإسنوي وغيره بل يصبر لفراغه ، فإن [ ص: 224 ] كان بينه وبين الإقامة زمن يسعها فعلها وإلا فلا إذ محل ندب تقديمها كما في المجموع ما لم يشرع المقيم في الإقامة قال : فإنه يكره الشروع في شيء من الصلوات غير المكتوبة بعد الشروع فيها فليؤخرهما خلافا لمن نازع فيه حينئذ إلى ما بعد المغرب حرصا على إدراك فضيلة التحرم ما أمكن ا هـ باختصار .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : من السنن ) أي الرواتب الغير المؤكدة نهاية ومغني ( لما يأتي ) أي آنفا ( قوله : { في الثالثة } ) أي من المرات و ( قوله : { لمن شاء } ) مقول قال و ( قوله : كراهية إلخ ) مفعول له لقال ( قوله : فليس المراد ) أي من قوله كراهية أن يتخذها الناس سنة ( قوله : بالمعنى الذي نحن إلخ ) أي المتقدم في أول الباب ( قوله : لأن ثبوت ذلك ) أي كونهما سنة بذلك المعنى ( قوله يبتدرون السواري لهما ) أي يستبقون العمد للركعتين شيخنا ( قوله : والمراد ) أي بصلوا في أول الحديث المتقدم ( قوله صرحت به ) أي بلفظ ركعتين ( قوله : نفي ) بالتنوين و ( قوله : غير محصور ) يعني نفي مطلق لا مستغرق لجميع الأزمنة ( قوله : وزعم أنه إلخ ) عبارة المغني ؛ لأنه ادعى عدم الرؤية ولا يلزم من عدم رؤيته أن يكون غيره رأى . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فالمثبت معه إلخ ) خصوصا من أثبت أكثر عددا ممن نفى مغني ( قوله : مع اتفاقهما ) أي المثبت والنافي ع ش ( قوله : معنى صلوا إلخ ) كذا في النهاية وأكثر نسخ الشرح بالياء وفي نسخة منه معنا إلخ بالألف وهي الأولى ( قوله : والخبر الصحيح ) أي ويبقى معنا الخبر الصحيح ع ش ( قوله : من ثم أخذوا منه إلخ ) عبارة شرح المهذب ( فرع ) يستحب أن يصلي قبل العشاء الأخيرة ركعتين فصاعدا لحديث { بين كل أذانين صلاة بين كل أذانين صلاة ثم قال في الثالثة لمن شاء } رواه البخاري . ا هـ .

                                                                                                                              وقضية استدلاله بهذا الحديث مع قوله فصاعدا أن المطلوب قبل المغرب أيضا ركعتان فصاعدا لكن في الحديث السابق في الشرح التقييد بالركعتين سم ( قوله : وأخذوا ) إلى قوله وكان عذره في المغني ( قوله : ويسن فعلهما ) أي اللتين قبل المغرب وكذا سائر الرواتب القبلية ، وإنما خص هاتين بالذكر لما جرت به العادة من المبادرة بفعل المغرب بعد دخول وقتها ومنه يعلم أن ما جرت به العادة في كثير من المساجد من المبادرة لصلاة الفرض عند شروع المؤذن في الأذان المفوت لإجابة المؤذن ولفعل الراتبة قبل الفرض مما لا ينبغي بل هو مكروه ع ش ( قوله : فإن تعارضت إلخ ) عبارة شرح العباب أي ، والمغني ويسن أن لا يشتغل بالمتقدمة عن إجابة المؤذن بل يصبر لفراغه ، فإن كان بينه وبين الإقامة زمن يسعها وإلا فلا إذ محل ندب تقديمها كما في المجموع ما لم يشرع المقيم في الإقامة قال : فإنه يكره الشروع في شيء من الصلوات غير المكتوبة بعد الشروع [ ص: 224 ] فيها فليؤخرها إلى ما بعد المغرب حرصا على إدراك فضيلة التحرم ما أمكن انتهى ا هـ .

                                                                                                                              سم ( قوله : أخرهما إلى ما بعده ) أي ويكون ذلك عذرا في التأخير ولا مانع أن يحصل له مع ذلك فضل كالحاصل مع تقديمهما لكن ينبغي أنه لو علم حصول جماعة أخرى يتمكن معها من فعل الراتبة القبلية وإدراك فضيلة التحرم مع إمام الثانية سن تقديم الراتبة وترك الجماعة الأولى ما لم يكن في الأولى زيادة فضل ككثرة الجماعة أو فقه الإمام ع ش ( قوله : ولا يقدمهما على الإجابة إلخ ) أي ؛ لأنها تفوت بالتأخير وللخلاف في وجوبها ع ش .




                                                                                                                              الخدمات العلمية