الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين

                                                                                                                                                                                                                                      109 - أفمن أسس بنيانه وضع أساس ما يبنيه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار هذا سؤال تقرير، وجوابه مسكوت عنه لوضوحه. والمعنى: أفمن أسس بنيان دينه على قاعدة محكمة، وهي: تقوى الله ورضوانه خير أم من أسسه على قاعدة هي أضعف [ ص: 711 ] القواعد، وهو الباطل والنفاق، الذي مثله مثل شفا جرف هار في قلة الثبات، والاستمساك. وضع شفا الجرف في مقابلة التقوى; لأنه جعل مجازا عما ينافي التقوى، والشفا: الحرف، والشفير. وجرف الوادي: جانبه الذي يتحفر أصله بالماء، وتجرفه السيول، فيبقى واهيا. والهار: الهائر، وهو المتصدع; الذي أشفى على التهدم، والسقوط، ووزنه فعل قصر عن فاعل، كخلف من خالف. وألفه ليس بألف فاعل، وإنما هي عينه، وأصله: هور، فقلبت ألفا لتحركها، وانفتاح ما قبلها، ولا ترى أبلغ من هذا الكلام، ولا أدل على حقيقة الباطل، وكنه أمره. ( أفمن أسس بنيانه ) (أمن أسس بنيانه) شامي، ونافع. (جرف) شامي، وحمزة، ويحيى. (هار) بالإمالة: أبو عمرو، وحمزة في رواية، يحيى، فانهار به في نار جهنم فطاح به الباطل في نار جهنم، ولما جعل الجرف الهائر مجازا عن الباطل، رشح المجاز، فجيء بلفظ الانهيار الذي هو للجرف، وليتصور أن المبطل كأنه أسس بنيانه على شفا جرف هار من أودية جهنم، فانهار به ذلك الجرف، فهوى في قعرها، قال جابر: رأيت الدخان يخرج من مسجد الضرار حين انهار والله لا يهدي القوم الظالمين لا يوفقهم للخير، عقوبة لهم على نفاقهم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية