الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        6887 حدثنا محمد أخبرنا أبو معاوية حدثنا هشام عن أبيه عن المغيرة بن شعبة قال سأل عمر بن الخطاب عن إملاص المرأة هي التي يضرب بطنها فتلقي جنينا فقال أيكم سمع من النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيئا فقلت أنا فقال ما هو قلت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيه غرة عبد أو أمة فقال لا تبرح حتى تجيئني بالمخرج فيما قلت فخرجت فوجدت محمد بن مسلمة فجئت به فشهد معي أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيه غرة عبد أو أمة تابعه ابن أبي الزناد عن أبيه عن عروة عن المغيرة

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        ثانيهما : حديث المغيرة قال " سأل عمر عن إملاص المرأة " وقد تقدم شرحه مستوفى في أواخر الديات أخرجه عاليا عن عبيد الله بن موسى عن هشام بن عروة ، ومن وجهين آخرين عن هشام ، وقوله هنا " حدثنا محمد " هو ابن سلام كما جزم به ابن السكن ، وقد أخرج البخاري في النكاح حديثا عن محمد بن سلام منسوبا لأبيه عند الجميع عن أبي معاوية ، فهذه قرينة تؤيد قول ابن السكن واحتمال كونه محمد بن المثنى بعيد ، وإن كان أخرج في الطهارة عن محمد بن خازم بمعجمتين حديثا وهو أبو معاوية ، لكن المهمل إنما يحمل على من يكون لمن أهمله به اختصاص ، واختصاص البخاري بمحمد بن سلام مشهور ، وقوله في آخره : تابعه ابن أبي الزناد " يعني عبد الرحمن ( عن أبيه ) وهو عبد الله بن ذكوان وهو بكنيته أشهر وسقط هذا للنسفي .

                                                                                                                                                                                                        قوله : عن عروة عن المغيرة ) كذا للأكثر وهو الصواب ، ووقع في رواية الكشميهني عن الأعرج عن أبي هريرة وهو غلط ، فقد رويناه موصولا عن البخاري نفسه ، وهو في الجزء الثالث عشر من فوائد الأصبهانيين عن المحاملي ، قال " حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري ، حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي ، حدثني ابن أبي الزناد عن أبيه عن عروة عن المغيرة " وكذلك أخرجه الطبراني من وجه آخر عن عبد الرحمن بن أبي الزناد ، ولم ينبه الحميدي في الجمع ، ولا المزي في الأطراف ، ولا أحد من الشراح على هذا الموضع ، قال ابن بطال : لا يجوز للقاضي الحكم إلا بعد طلب حكم الحادثة من الكتاب أو السنة ، فإن عدمه رجع إلى الإجماع فإن لم يجده نظر هل يصح الحمل على بعض الأحكام المقررة لعلة تجمع بينهما ، فإن وجد ذلك لزمه القياس عليها ، إلا إن عارضتها علة أخرى فيلزمه الترجيح ، فإن لم يجد علة استدل بشواهد الأصول وغلبة الاشتباه ، فإن لم يتوجه له شيء من ذلك رجع إلى حكم العقل ، قال : هذا قول ابن الطيب ، يعني أبا بكر الباقلاني ، ثم أشار إلى إنكار كلامه الأخير بقوله تعالى ما فرطنا في الكتاب من شيء وقد علم الجميع بأن النصوص لم تحط بجميع الحوادث فعرفنا أن الله قد أبان حكمها بغير طريق النص وهو القياس ، ويؤيد ذلك قوله تعالى لعلمه الذين يستنبطونه منهم ، لأن الاستنباط هو الاستخراج وهو بالقياس ، لأن النص ظاهر ، ثم ذكر في الرد على منكري القياس وألزمهم التناقض ، لأن من أصلهم إذا لم يوجد النص الرجوع إلى الإجماع . قال : فيلزمهم أن يأتوا بالإجماع على ترك القول بالقياس ولا سبيل لهم إلى ذلك ، فوضح أن القياس إنما ينكر إذا استعمل مع وجود النص أو الإجماع لا عند فقد النص والإجماع . وبالله التوفيق .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية