الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وما ذكى )

                                                                                                                            ش : يعني أن ما ذكي بأي نوع من أنواع الذكاة من ذبح ، أو نحر ، أو عقر فيما يذكى بالعقر فهو طاهر .

                                                                                                                            ص ( وجزؤه إلا محرم الأكل )

                                                                                                                            ش : أشار به لما ذكره في التوضيح من أن السباع إذا ذكيت لأخذ جلودها فإن جميع أجزائها تطهر بالذكاة ، وإن قلنا : إن لحمها مكروه وهذه طريقة أكثر الشيوخ أن الذكاة لا تؤثر إلا في مكروه الأكل ومباحه وطريقة ابن شاس أنها تعمل في محرم الأكل أيضا فتطهر جميع أجزائه بالذكاة ، وإن قلنا لا يؤكل ، كذا أطلق عنه في التوضيح وفي كتاب الذبائح من الجواهر استثنى الخنزير وأنه ميتة ولو ذكي قال في الذخيرة لغلظ تحريمه وشمل قوله : " وجزؤه " الجنين يوجد ميتا في بطن أمه ويقيد بما إذا كان محكوما بحله وإلا فهو ميتة كما أشار إليه ابن الإمام ويمكن أن يدخل الجنين في المذكى ; لأن الشارع قد حكم بأن ذكاة أمه ذكاة له ، وأما المشيمة بميمين مفتوحتين ويقال لها السلى بفتح المهملة وتخفيف اللام والقصر وهي وقاء المولود فقد حكم ابن رشد بطهارتها وأنها كلحم الناقة المذكاة ذكره في سماع موسى من كتاب الصلاة رادا على من استدل بحديث طرح السلى على ظهره عليه الصلاة والسلام على أن سقوط النجاسة على المصلي لا تبطل الصلاة ومثله لابن الإمام وفهم منه ابن عرفة جواز أكله فعزاه للسماع المتقدم قال البرزلي وهو ظاهر المدونة وهو الصواب وحكى ابن عرفة والبرزلي عن الصائغ أنه أجاب بأنه لا يؤكل ; لأنه بائن من النعجة وهو يقتضي الحكم بنجاسته ثم حكى ابن عرفة ثالثا عن بعض شيوخه قال البرزلي وابن جماعة إنه تابع للولد إن أكل الولد أكل وإلا فلا قال البرزلي ومال إليه ابن عرفة والله أعلم . وخص بعضهم المشيمة بالآدميين ودخل في كلامه جميع أجزائه حتى الأمعاء التي فيها الفرث وهو كذلك إلا أن يكون الحيوان مما لا يأكل النجاسة فلا [ ص: 89 ] يؤكل ما اتصل بروثه حتى يغسل كما سيأتي في كلام ابن يونس وعلى هذا فيكون الحكم كذلك في مكروه الأكل لنجاسة روثه على المشهور .

                                                                                                                            ص ( وصوف ووبر وزغب ريش وشعر ولو من خنزير )

                                                                                                                            ش : قال ابن فرحون الشعر بفتح العين وسكونها يطلق على شعر الإنسان وغيره من الدواب والسباع فهو عام والصوف للشاة فهو أخص منه والوبر بفتح الموحدة صوف الإبل والأرنب ونحوهما وما ذكره موافق لما في الصحاح وفي القاموس الشعر ما ليس بصوف ولا وبر والريش للطائر والزغب ما اكتنف القصبة .

                                                                                                                            ص ( إن جزت )

                                                                                                                            ش : هذا الشرط إنما هو إذا أخذت من غير المذكى قال البساطي لا يشترط أن تنفصل مجزوزة بل لو نتفت وقطع مباشر اللحم طهر .

                                                                                                                            ( تنبيه ) انظر هل يحكم عليها في حال اتصالها بالميتة قبل أن تجز بالنجاسة أو بالطهارة حتى لو كان شعر الميتة طويلا وصلى عليه مصل ، أو كان المصلي يباشر ريش القصبة هل تصح صلاته أم لا والظاهر أنه يحكم بنجاسة ما اتصل بها فقط كما يفهم من كلام صاحب الطراز وأن تصح الصلاة إذا كان الشعر والريش مبسوطا في الأرض ، وإن كان مشدودا في المصلي ، أو ممسكا له بيده لم تصح كما قال سند فيمن ربط حبلا في ميتة إنه إن كان طرفه تحت قدميه فلا شيء عليه كالبساط ، وإن كان مشدودا في وسطه ، أو ممسوكا بيده لم تجز فتأمله والله أعلم .

                                                                                                                            ( فرع ) إذا جزت هذه الأشياء المذكورة من ميتة فاستحب في المدونة والرسالة أن تغسل قال ابن رشد في سماع أشهب ولا معنى له إذا علم أنه لم يصبه أذى وأوجب ابن حبيب غسلها فإن تيقنت نجاسته فلا شك في وجوب غسله .

                                                                                                                            ( فرع ) فإن أراد بيع الصوف وما معه المأخوذ من الميتة ، أو بيع ما نسج منه فعليه أن يبين ذلك ; لأن النفوس تكرهه وقال البرزلي قال أبو حفص : لأنه أضعف من صوف الحي وللخلاف في نجاسته ذكره في مسائل الصلاة .

                                                                                                                            ص ( والجماد وهو جسم غير حي ومنفصل عنه )

                                                                                                                            ش : الجماد بفتح الجيم وهو لغة الأرض التي لم يصبها مطر والسنة التي لا مطر فيها واختلف الفقهاء في تعريفه فقال في الذخيرة ابن راشد : الجماد ما ليس فيه روح انتهى . فيتناول النبات وقال في الذخيرة العالم حيوان ونبات وجماد فجعل الجماد مقابلا للحيوان والنبات وعرفه المصنف بما ذكر وأصل التعريف المذكور لابن بشير وابن شاس لكن عبارة المصنف أحسن ; لأن ابن بشير .

                                                                                                                            قال ونعني بذلك ما لا تحله حياة ، أو ينفصل عن ذي حياة وقال ابن شاس ونعني بالجماد ما ليس بروح ولا منفصل عن روح فرأى المصنف أن الإتيان بها كالإتيان بالجنس البعيد لصدقها على العرض والجوهر فأبدلها بقوله وهو جسم غير حي إلى آخره فقوله جسم جنس يشمل الحيوان والجماد وقوله غير حي فصل يخرج الحيوان وقوله ومنفصل معطوف على حي أي وغير منفصل عن حي وخرج به جميع الفضلات المنفصلات عن الحي الطاهر منها والنجس ولا يلزم من إخراجها من حد الجماد كونها نجسة والألزم أن يكون الحي نجسا ; لأنا أخرجنا من حد الجماد وظاهر كلام ابن الحاجب أن أجزاء الحيوان المنفصلة عنه داخلة في الجماد فإنه قال والجمادات مما ليس من حيوان طاهرة قال ابن دقيق العيد وعبارته أحسن ; لأنها لا تحتاج إلى العناية ; لأنه قيد الجمادات المحكوم لها بالطهارة بأنها ليست من حيوان ; لأن أجزاء الحيوان ، أو بعضها جمادات على ما قدمنا أن الجماد ما ليس بذي روح انتهى بالمعنى .

                                                                                                                            ومراده بالعناية قولهم ونعني بكذا وكذا ودخل في كلام المصنف جميع المائعات من سمن وعسل وزيت ونحوها ولا يقال : الجماد مقابله المائع ; لأنا نقول الذي يقابل المائع الجامد لا الجماد وتعبيره بالجماد مفردا أحسن من قول ابن الحاجب والجمادات بالجمع ; لأن الجماد اسم جنس يصدق على [ ص: 90 ] القليل والكثير .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية