الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          فصل السادس : أن يقبض رأس المال في مجلس العقد وهل يشترط كونه معلوم القدر ، والصفة كالمسلم فيه ؛ على وجهين وإن أسلم ثمنا واحدا في جنسين ، لم يجز حتى يبين ثمن كل جنس .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          فصل

                                                                                                                          ( السادس : أن يقبض رأس مال السلم في مجلس العقد ) أي : قبل التفرق [ ص: 195 ] نص عليه واستنبطه الشافعي من قوله عليه السلام : من أسلف فليسلف . أي : فليعط قال : لأنه لا يقع اسم السلف فيه حتى يعطيه ما سلفه قبل أن يفارق من أسلفه انتهى ، وحذارا أن يصير بيع دين بدين فيدخل تحت النهي ، ولا يجوز شرط تأخير العوض فيه ، فلم يجز التفرق قبل القبض كالصرف ويشترط قبض جميعه ، فلو قبض البعض ، ثم افترقا بطل فيما لم يقبض ، والأشهر أنه يصح في المقبوض ، فلو جعل دينا سلما لم يصح ، لكن لو كان عنده أمانة ، أو عين مغصوبة صح ؛ لأنه في معنى القبض .

                                                                                                                          أصل : المجلس هنا كمجلس الصرف وهما كمجلس الخيار في ظاهر كلام الأصحاب ، وفي الجامع الصغير أنه إذا تأخر قبض رأس مال السلم اليومين ، والثلاثة لم يصح ( وهل يشترط كونه معلوم القدر ، والصفة كالمسلم فيه ) أم تكفي مشاهدته ؛ ( على وجهين ) كذا في " المحرر " ، و " الفروع " أحدهما : يشترط ذلك . قاله القاضي ، وأبو الخطاب وصاحب " التلخيص " ، وجزم به في " الوجيز " ؛ لأنه عقد يتأخر بتسليم المعقود عليه ، فوجب معرفة رأس ماله ليرد بدله كالقرض ، والشركة ، فعلى هذا لا يجوز أن يكون رأس المال جوهرة لعدم تأتي الصفة عليه ، فإن فعلا بطل العقد ويرده إن كان موجودا ، وإلا قيمته ، فإن اختلفا فيها قبل قول المسلم إليه ؛ لأنه غارم ، وفي " الانتصار " يقع العقد بقيمة مثلي ؛ لأنه قد يضمنه بأقل وأكثر ، وهو ربا وظاهر كلام غيره بمثله ، وكذا الأجرة ، والثاني : لا يشترط ، وهو ظاهر الخرقي ومال إليه في [ ص: 196 ] " المغني " ، و " الشرح " ؛ لأنه عوض مشاهد ، فلم يحتج إلى معرفته كبيوع الأعيان .

                                                                                                                          تنبيه : كل مالين حرم النساء فيهما لا يجوز إسلام أحدهما في الآخر ؛ لأن السلم من شرطه التأجيل ، وما ذكره الخرقي أنه لا يجوز النساء في العروض هو إحدى الروايات ، فعلى هذا لا يجوز إسلام بعضها في بعض ، وقال ابن أبي موسى ، وذكره القاضي هو ظاهر كلام أحمد إنه يشترط أن يكون رأس مال السلم أحد النقدين ، فعلى هذا لا يجوز أن يكون المسلم فيه ثمنا ، والأصح أنه يصح إسلام عرض في عرض ، وفي ثمن ( وإن أسلم ثمنا واحدا في جنسين ) قال في " التنقيح " : أو ثمنين في جنس لم يصح حتى يعين ثمن كل جنس ، وقدر كل ثمن ، نص عليهما ( لم يجز حتى يبين ثمن كل جنس ) نقله الجماعة ؛ لأن ما يقابل كل واحد من الجنسين مجهول ، فلم يجز ، كما لو عقد عليه مفردا بثمن مجهول ، ولما فيه من الغرر ، والثانية : يجوز قبل البيان ؛ لأنه إذا جاز أن يسلم في شيء واحد إلى أجلين من غير بيان ، فكذا هنا ، فعلى هذا لو تعذر أحدهما رجع بقسطه من رأس المال ، وفي " المغني " ، و " الشرح " الجواز تخريجا لعدم اطلاعهما عليها ، وظاهره ولو كان الثمن مختلفا ، وقال ابن أبي موسى : لا يجوز إسلام خمسة دنانير وخمسين درهما في كر حنطة إلا أن يبين حصة كل واحد من الثمن ، وفيه نظر ، إذ الرجوع ممكن بقدر الحصة .




                                                                                                                          الخدمات العلمية