الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                [ ص: 469 ] والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف والله عزيز حكيم

                                                                                                                                                                                                تقديره فيمن قرأ (وصية) بالرفع، ووصية الذين يتوفون، أو وحكم الذين يتوفون وصية لأزواجهم، أو والذين يتوفون أهل وصية لأزواجهم، وفيمن قرأ بالنصب: والذين يتوفون يوصون وصية، كقولك: إنما أنت سير البريد، بإضمار تسير، أو وألزم الذين يتوفون وصية، وتدل عليه قراءة عبد الله : (كتب عليكم الوصية لأزواجكم متاعا إلى الحول) مكان قوله: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول .

                                                                                                                                                                                                وقرأ أبي: (متاع لأزواجهم متاعا)، وروي عنه: (فمتاع لأزواجهم)، ومتاعا نصب بالوصية، إلا إذا أضمرت يوصون، فإنه نصب بالفعل، وعلى قراءة أبي متاعا نصب بمتاع; لأنه في معنى التمتيع، كقولك: الحمد لله حمد الشاكرين، وأعجبني ضرب لك زيدا ضربا شديدا.

                                                                                                                                                                                                و غير إخراج : مصدر مؤكد، كقولك: هذا القول غير ما تقول، أو بدل من متاعا، أو حال من الأزواج، أي: غير مخرجات، والمعنى: أن حق الذين يتوفون عن أزواجهم أن يوصوا قبل أن يحتضروا بأن تمتع أزواجهم بعدهم حولا كاملا، أي: ينفق عليهن من تركته ولا يخرجن من مساكنهن، وكان ذلك في أول الإسلام، ثم نسخت المدة بقوله: أربعة أشهر وعشرا [البقرة: 234]، وقيل: نسخ ما زاد منه على هذا المقدار، ونسخت النفقة بالإرث الذي هو الربع والثمن، واختلف في السكنى، فعند أبي حنيفة وأصحابه: لا سكنى لهن، فيما فعلن في أنفسهن : من التزين والتعرض للخطاب، من معروف : مما ليس بمنكر شرعا.

                                                                                                                                                                                                فإن قلت: كيف نسخت الآية المتقدمة المتأخرة؟ قلت: قد تكون الآية متقدمة في التلاوة وهي متأخرة في التنزيل، كقوله تعالى: سيقول السفهاء [البقرة: 142] مع قوله: قد نرى تقلب وجهك في السماء [البقرة: 144].

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية