الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        1435 - حدثنا أبو بكرة قال : ثنا إبراهيم بن أبي الوزير ، قال : ثنا مالك بن أنس ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الركوع قال ذلك .

                                                        ففي هذه الآثار ما يدل على أن الإمام يقول من ذلك مثل ما يقول من صلى وحده ، لأن في حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك وهو يصلي بالناس .

                                                        وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنا أشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر ذلك .

                                                        فأخبر أن ما فعل من ذلك ، هو ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله في صلاته لا يفعل غيره .

                                                        وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما ما ذكرنا عنه وهو أيضا فيه إخبار عن صفة صلاته كيف كانت .

                                                        فلما ثبت عنه أنه كان يقول - وهو إمام إذا رفع رأسه من الركوع - سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد ثبت أن هكذا ينبغي للإمام أن يفعل ذلك ، اتباعا لما قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك .

                                                        فهذا حكم هذا الباب من طريق الآثار .

                                                        وأما من طريق النظر ، فإنهم قد أجمعوا فيمن يصلي وحده ، على أنه يقول ذلك .

                                                        فأردنا أن ننظر في الإمام : هل حكمه في ذلك حكم من يصلي وحده أم لا ؟ [ ص: 241 ] فوجدنا الإمام يفعل في كل صلاته من التكبير والقراءة والقيام والقعود والتشهد ، مثل ما يفعله من يصلي وحده .

                                                        ووجدنا أحكامه فيما يطرأ عليه في صلاته ، كأحكام من يصلي وحده فيما يطرأ عليه من صلاته من الأشياء التي توجب فسادها ، وما يوجب سجود السهو فيها ، وغير ذلك ، وكان الإمام ومن يصلي وحده في ذلك سواء ، بخلاف المأموم .

                                                        فلما ثبت باتفاقهم أن المصلي وحده يقول بعد قوله " سمع الله لمن حمده " " ربنا ولك الحمد " ثبت أن الإمام أيضا يقولها بعد قوله " سمع الله لمن حمده " .

                                                        فهذا وجه النظر أيضا في هذا الباب ، فبهذا نأخذ ، وهو قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله .

                                                        وأما أبو حنيفة رحمه الله فكان يذهب في ذلك إلى القول الأول .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية