الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الأقضية باب في طلب القضاء

                                                                      3571 حدثنا نصر بن علي أخبرنا فضيل بن سليمان حدثنا عمرو بن أبي عمرو عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين [ ص: 384 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 384 ] أول كتاب القضاء

                                                                      بالمد الولاية المعروفة
                                                                      ، وهو في اللغة مشترك بين إحكام الشيء والفراغ منه ، ومنه فقضاهن سبع سماوات بمعنى إمضاء الأمر ، ومنه وقضينا إلى بني إسرائيل وبمعنى الحتم والإلزام ، ومنه وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه : وفي الشرع : إلزام ذي الولاية بعد الترافع ، وقيل : هو الإكراه بحكم الشرع في الوقائع الخاصة لمعين أو جهة ، والمراد بالجهة كالحكم لبيت المال وعليه . كذا في السبل . وقال الشربيني في الإقناع : القضاء بالمد كقباء وهو لغة : إمضاء الشيء وإحكامه ، وشرعا : فصل الخصومة بين خصمين فأكثر بحكم الله تعالى انتهى . وقال العيني في رمز الحقائق : هو في اللغة : الإتقان والإحكام ، وفي الشرع : هو فصل الخصومات . قاله الشارح ، والأولى أن يقال : هو قول ملزم يصدر عن ولاية عامة انتهى .

                                                                      ( من ولي القضاء ) : على بناء الفاعل بالتخفيف أي تصدى للقضاء وتولاه أو على بناء المفعول بالتشديد وهو المناسب لرواية " جعل قاضيا " . كذا في فتح الودود ( فقد ذبح ) : بصيغة المجهول ( بغير سكين ) : قال ابن الصلاح : المراد ذبح من حيث المعنى لأنه [ ص: 385 ] بين عذاب الدنيا إن رشد ، وبين عذاب الآخرة إن فسد . وقال الخطابي ومن تبعه : إنما عدل عن الذبح بالسكين ليعلم أن المراد ما يخاف من هلاك دينه دون بدنه وهذا أحد الوجهين ، والثاني : أن الذبح بالسكين فيه إراحة للمذبوح ، وبغير السكين كالخنق وغيره يكون الألم فيه أكثر ، فذكر ليكون أبلغ في التحذير . قال الحافظ في التلخيص : ومن الناس من فتن بحب القضاء فأخرجه عما يتبادر إليه الفهم من سياقه ، فقال : إنما ذبح بغير سكين إشارة إلى الرفق به ولو ذبح بالسكين لكان عليه أشق ولا يخفى فساده انتهى . وفي السبل : دل الحديث على التحذير من ولاية القضاء والدخول فيه ؛ كأنه يقول : من تولى القضاء فقد تعرض لذبح نفسه فليحذره وليتوقه ، فإنه إن حكم بغير الحق مع علمه به أو جهله له فهو في النار .

                                                                      والمراد من ذبح نفسه إهلاكها ؛ أي فقد أهلكها بتولية القضاء ، وإنما قال : بغير سكين للإعلام بأنه لم يرد بالذبح قطع الأوداج الذي يكون غالبا بالسكين ، بل أريد به إهلاك النفس بالعذاب الأخروي انتهى .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه الترمذي ، وقال : حسن غريب من هذا الوجه .




                                                                      الخدمات العلمية