الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن هو ركب في الإفاضة وحدها وقد مشى في حجه كله ، أيجب عليه لذلك في قول مالك دم أو تجب عليه العودة ثانية حتى يمشي ما ركب ؟ قال : أرى أن يجزئه ويكون عليه الهدي ، قال : لأن مالكا قال لنا : لو أن رجلا مرض في مشيه فركب الأميال أو البريد أو اليوم ما رأيت عليه الرجوع ثانية لركوبه ذلك ورأيت أن يهدي هديا ويجزئ عنه .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : لو أن رجلا دخل مكة حاجا في مشي عليه فلما فرغ من سعيه بين الصفا والمروة خرج إلى عرفات راكبا وشهد المناسك وأفاض راكبا ، قال مالك : أرى أن يحج الثانية راكبا حتى إذا دخل مكة وطاف وسعى ، خرج ماشيا حتى يفيض فيكون قد ركب ما مشى ومشى ما ركب . قيل لمالك : أفترى عليه أن يهدي ؟

                                                                                                                                                                                      قال : إني أحب ذلك من غير أن أوجبه عليه ، ولم أره مثل الذي ركب في الطريق الأميال من مرض .

                                                                                                                                                                                      قال ابن وهب : وأخبرني يعقوب بن عبد الرحمن الزهري وحفص بن ميسرة عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال : إذا قال الإنسان علي المشي إلى الكعبة ، فهذا نذر فليمش إلى الكعبة .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال الليث مثله ، قال : وأخبرني مالك عن عبد الله بن أبي حبيبة . قال : قلت لرجل وأنا يومئذ حديث السن : ليس على الرجل يقول علي المشي إلى بيت الله ولا يسمي نذرا شيء فقال لي رجل : هل لك أن أعطيك هذا الجرو لجرو قثاء هو في يده وتقول : علي مشي إلى بيت الله ؟ فقلت : فمكثت حينا حتى عقلت ، فقيل لي إن عليك مشيا . فجئت سعيد بن المسيب فسألته عن ذلك فقال : عليك مشي فمشيت . قال ابن وهب : قال : وأخبرني ابن لهيعة عن أبي الأسود أن أهل المدينة يقولون ذلك .

                                                                                                                                                                                      قال ابن وهب عن يونس عن ربيعة مثله .

                                                                                                                                                                                      قال ابن مهدي عن عبد الله بن المبارك عن إسماعيل بن أبي خالد عن إبراهيم . قال : وسألته عن رجل قال : إن دخلت على أبي كذا وكذا شهرا فعلي المشي إلى الكعبة فاحتمله أصحابه فأدخلوه على أبيه فقال : احتملني أصحابي قال : ليمش إلى الكعبة . قال سحنون : وإنما ذكرت لك هذا حجة على من زعم أن من حلف على شيء بالمشي أن لا يفعله من طاعة أو معصية ففعله أنه لا شيء عليه ، وإني لأقول إن فعل المكره ليس بشيء وإنه ليس بحانث .

                                                                                                                                                                                      قال سحنون وقد ذكر سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد قال : سئل إبراهيم عن رجل حلف [ ص: 558 ] بالمشي أن لا يدخل على رجل فاحتمل ، فأدخل عليه قال عليه يعني المشي . قال سحنون : وإنما كتب هذا أيضا حجة ولا نأخذ به .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية