الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ومما لا يسن جماعة ركعتان عقب الإشراق بعد خروج وقت الكراهة [ ص: 238 ] وهي غير الضحى ووقع في عوارف المعارف للإمام السهروردي أن من جلس بعد الصبح يذكر الله إلى طلوع الشمس وارتفاعها كرمح يصلي بعد ذلك ركعتين بنية الاستعاذة بالله من شر يومه وليلته ثم ركعتين بنية الاستخارة لكل عمل يعمله في يومه وليلته قال : وهذه تكون بمعنى الدعاء على الإطلاق وإلا فالاستخارة التي وردت بها الأخبار هي التي يفعلها أمام كل أمر يريده . ا هـ .

                                                                                                                              وهذا عجيب منه مع إمامته في الفقه أيضا وكيف راج عليه صحة وحل صلاة بنية مخترعة لم يرد لها أصل في السنة ومن استحضر كلامهم في رد صلوات ذكرت في أيام الأسبوع علم أنه لا تجوز ولا تصح هذه الصلوات بتلك النيات التي استحسنها الصوفية من غير أن يرد لها أصل في السنة نعم إن نوى مطلق الصلاة ثم دعا بعدها بما يتضمن نحو استعاذة أو استخارة مطلقة لم يكن بذلك بأس ، وعند إرادة سفر بمنزله وكلما نزل وعند قدومه بالمسجد وبعد الوضوء ، والخروج من الحمام وعند القتل وعند دخول بيته ، والخروج منه وعند الحاجة وعند التوبة وصلاة الأوابين عشرون ركعة [ ص: 239 ] بين المغرب والعشاء ومر تسمية الضحى بذلك أيضا وصلاة الزوال أربع عقبه وصلاة التسبيح كل وقت وإلا فيوم وليلة أو أحدهما وإلا فأسبوع وإلا فشهر وإلا فسنة وإلا فالعمر وحديثها حسن لكثرة طرقه ووهم من زعم وضعه وفيه ثواب لا يتناهى ومن ثم قال بعض المحققين لا يسمع بعظيم فضلها ويتركها إلا متهاون بالدين ، والطعن في ندبها بأن فيها تغييرا لنظم الصلاة إنما يتأتى على ضعف حديثها .

                                                                                                                              فإذا ارتقى إلى درجة الحسن أثبتها ، وإن كان فيها ذلك على أنه ممنوع بأن النفل يجوز فيه القيام ، والقعود وفيه نظر ، فإن فيها تطويل نحو الاعتدال وهو مبطل لولا الحديث ، وهي أربع بتسليمة أو تسليمتين في كل ركعة خمسة وسبعون سبحان الله ، والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وزيد هنا وفيما مر في التحية ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم خمسة عشر بعد القراءة وعشر في كل من الركوع ، والاعتدال ، والسجود ، والجلوس ، والسجود وجلسة الاستراحة أو التشهد ويكبر عند ابتدائها دون القيام منها ويجوز جعل الخمسة عشر قبل القراءة وحينئذ تكون عشر جلسة الاستراحة بعد القراءة قال البغوي ولو ترك تسبيح الركوع لم يجز العود إليه ولا فعلها في الاعتدال بل يأتي بها في السجود .

                                                                                                                              ( تنبيه ) هل يتخير في جلسة التشهد بين كون التسبيح قبله أو بعده كهو في القيام أو لا يكون إلا قبله كما يصرح به كلامهم ويفرق بأنه إذا جعله قبل الفاتحة يمكنه نقل ما في الجلسة الأخيرة بخلافه هنا كل محتمل ، والأقرب الأول ، والصلاة المعروفة ليلة الرغائب ونصف شعبان بدعة قبيحة وحديثها موضوع وبين ابن عبد السلام وابن الصلاح مكاتبات وإفتاءات متناقضة فيها بينتها مع ما يتعلق بها في كتاب مستقل سميته الإيضاح والبيان لما جاء في ليلتي الرغائب والنصف من شعبان .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : - [ ص: 238 ] وبعد الوضوء ) عبارة العباب وركعتان للإحرام وبعد الطواف وبعد الوضوء ولو مجددا ينوي بكل سنته وتحصل كلها بما تحصل به التحية . ا هـ .

                                                                                                                              وقوله للإحرام قال في شرحه في غير الوقت أي قبيله بحيث ينسب إليه عرفا فيما يظهر . ا هـ . وقوله وبعد الوضوء أي وبعد الغسل والتيمم قال في شرحه كما شمله كلام الشيخين ولو في الأوقات المكروهة قال البلقيني كالإسنوي وهو القياس انتهى وقوله بما تحصل به التحية قال في شرحه من فرض أو نفل آخر إن نويت وكذا إن لم تنو على التفصيل ، والخلاف السابقين ونظر النووي في إلحاق سنة الإحرام بالتحية بأنها سنة مقصودة وأجاب عنه الأذرعي بأنه إنما يتوجه إن ثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى ركعتي الإحرام لأجل الإحرام خاصة . ا هـ .

                                                                                                                              شرح العباب ولا يخفى أن قضية ما تقرر من أن سنة الوضوء تحصل بما تحصل به التحية أنه لو نواها مع الفرض لم يضر ؛ لأنها حاصلة ، وإن لم ينوها كالتحية خصوصا مع تخصيص نظر النووي المذكور بغيرها ، فإنه [ ص: 239 ] صريح في أنه لا كلام في أنها سنة غير مقصودة فليتأمل سم ( قوله : وجلسة الاستراحة ) عبارة شرح الروض [ ص: 240 ] والجلوس بعد رفعه من السجدة الثانية .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : ركعتان عقب الإشراق إلخ ) لم يبين هو ولا غيره منتهى وقتها فيحتمل أن يقاس على الضحى ويحتمل أن يفوت بطول الفصل عرفا فليحرر وهل قوله بعد خروج وقت الكراهة لتوقف دخول الوقت عليه كالضحى أو للاحتراز عن وقت الكراهة ويظهر فائدة الخلاف في الحرم المكي ، فإن قلنا بالأول فلا فرق أو بالثاني اتجه الفرق وفي شرح الشمائل له وسنة الإشراق غير الضحى وهي ركعتان عند شروق الشمس وحلتا مع كونهما في وقت الكراهة ؛ لأنهما من ذوات السبب المقارن انتهى . ا هـ .

                                                                                                                              بصري وما نقله عن شرح الشمائل تقدم عن شيخنا [ ص: 238 ] اعتماده وهو الأقرب ، وإن مال السيد البصري إلى الاتحاد كما يأتي وقول الشارح عقب الإشراق وقد يشير إلى الاحتمال الثاني في كل من الترددين ( قوله : وهي غير الضحى ) مال العارف الشعراني في العهود المحمدية إلى أنها منها ، والقلب إليه أميل ثم رأيت كلام النهاية السابق عند الضحى المصرح باتحادهما خلافا للعباب فكأن الشارح تبع صاحب العباب بصري ومال سم وع ش إلى ما في الشرح الذي وافقه م ر في غير النهاية من المغايرة كما مر ( قوله : يصلي إلخ ) خبر أن ( قوله : قال ) أي السهروردي ( قوله : وهذه ) أي الاستخارة المذكورة ( قوله : أيضا ) أي كالتصوف ( قوله : في رد صلوات ذكرت إلخ ) أي ذكرها الغزالي في الإحياء كردي

                                                                                                                              ( قوله : نعم إن نوى مطلق الصلاة إلخ ) الظاهر أنه مراد الشيخ المذكور فمراده بقوله بنية كذا بيان أن ذلك لأمر باعث على فعل الصلاة المذكورة لا النية المرادة للفقهاء المقترنة بالتكبير وحمل كلامه عليه أولى من التشنيع ويعضد هذا الاستحسان منهم ما صح { عنه صلى الله عليه وسلم من تقديم الصلاة عند عروض أمر يستدعي الدعاء } بصري ( قوله : وعند إرادة سفر ) إلى قوله ويكبر عند ابتدائها في النهاية إلا قوله وعند دخول بيته ، والخروج منه وقوله : العلي العظيم وما أنبه عليه وكذا في المغني إلا قوله : وصلاة الزوال أربع عقبه ( قوله : وعند إرادة سفر إلخ ) عطف على قوله عقب الإشراق ( قوله : وكلما نزل ) أي ، وإن لم يطل الفصل بين النزولين ع ش ( قوله : وعند قدومه بالمسجد ) أي قبل أن يدخل منزله ويكتفي بهما عن ركعتي دخوله وعند خروجه من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم للسفر وعند دخول أرض لا يعبد الله فيها كدار الشرك نهاية وشرح بافضل زاد المغني وعند مروره بأرض لم يمر بها قط . ا هـ .

                                                                                                                              قال ع ش قوله : أرضا لا يعبد الله إلخ منها أماكن اليهود ، والنصارى المختصة بهم ، فإن عبادتهم فيه باطلة فكأنه لا عبادة . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وبعد الوضوء ) وألحق به البلقيني الغسل والتيمم ينوي بهما سنته وركعتان للاستخارة وتحصل السنتان بكل صلاة كالتحية نهاية وقوله م ر السنتان أي الاستخارة والوضوء وما ألحق به ع ش وفي سم عن العباب وركعتان للإحرام وبعد الطواف وبعد الوضوء ولو مجددا ينوي بكل سنته وتحصل كلها بما تحصل به التحية . ا هـ . ( قوله : والخروج من الحمام ) ويكره فعلهما في مسلخه فيفعلهما في بيته أو المسجد وينبغي أن محل ذلك إذا لم يطل الفصل بحيث تنقطع نسبتهما عن كونهما للخروج من الحمام ع ش ( قوله : وعند القتل ) أي بحق أو غيره وقبل عقد النكاح وبعد الخروج من الكعبة مستقبلا بهما وجهها وعند حفظ القرآن نهاية قال ع ش قوله م ر وقبل عقد النكاح ينبغي أن يكون ذلك للزوج ، والولي لتعاطيهما للعقد دون الزوجة وينبغي أيضا إن فعلهما في مجلس العقد قبل تعاطيه وقوله م ر وعند حفظ القرآن أي ولو بعد نسيانه وقد صلى للحفظ الأول . ا هـ . ( قوله : وعند دخول بيته إلخ ) أي ولمن زفت إليه امرأة قبل الوقاع وتندبان لها أيضا نهاية ومغني ( قوله : وعند الحاجة ) أي التي يهتم بها عادة وينبغي إن فعلها عند إرادة الشروع في طلبها حتى لو طال الزمن بين الصلاة والشروع في قضائها لم يعتد بها وتقع له نفلا مطلقا ع ش ( قوله : وعند التوبة ) عبارة النهاية وللتوبة قبلها وبعدها ولو من صغيرة . ا هـ . قال ع ش أي ، وإن تكررت أي التوبة ، وتسن في المذكورات نية أسبابها كأن يقول سنة الزفاف فلو ترك ذكر السبب صحت صلاته وتكون نفلا مطلقا حصل في ضمنه ذلك المقيد . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وصلاة الأوابين ) عطف على قوله ركعتان ( قوله : عشرون ركعة إلخ ) أي وهي عشرون [ ص: 239 ] إلخ ورويت ستا وأربعا وركعتين فهما أقلها نهاية عبارة شيخنا وأقلها ركعتان وغالبها ست ركعات وأكثرها عشرون ركعة . ا هـ . ( قوله : بين المغرب والعشاء ) أي بين صلاة المغرب والعشاء ، ومنه يعلم أنها لا تحصل بنفل قبل فعل المغرب وبعد دخول وقته وعليه فلو نواها لم تنعقد لعدم دخول وقتها ، وإذا فاتت سن قضاؤها وكذا سنة الزوال ؛ لأن كلا منهما مؤقت ويحتمل عدم سن قضاء سنة الزوال لتصريحه م ر بأنها ذات سبب ، فإذا صلى سنة الظهر حصل بها سنة الزوال ما لم ينفها قياسا على ما مر في تحية المسجد ع ش ( قوله : أربع ) أو ركعتان نهاية ( قوله : صلاة الزوال إلخ ) وهي غير سنة الظهر كما يعلم من إفرادها بالذكر بعد الرواتب وتصير قضاء بطول الزمن عرفا ع ش ( قوله : عقبه ) فلو قدمها عليه لم تنعقد خلافا للمناوي ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : كل وقت وإلا فيوم وليلة أو أحدهما إلخ ) عبارة النهاية ، والمغني مرة في كل يوم وإلا فجمعة وإلا فشهر إلخ ( قوله : فيوم وليلة ) أي في كل منهما ( قوله : وحديثها حسن إلخ ) وهو المعتمد نهاية ( قوله : وفيه ) أي فعل صلاة التسبيح ( قوله : ذلك ) أي تغيير نظم الصلاة ( قوله : على أنه ) أي قول الطاعن إن فيها تغييرا إلخ ( قوله : وفيه نظر ) أي في المنع المذكور ( قوله : بتسليمة ) وهو الأحسن نهارا وقوله أو بتسليمتين وهو الأحسن ليلا كما في الإحياء نهاية ( قوله : وهي أربع ) قال السيوطي رحمه الله تعالى يقرأ فيها ألهاكم ، والعصر ، والكافرون ، والإخلاص انتهى . ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله : ولا حول ولا قوة إلا بالله إلخ ) وبعدها قبل السلام اللهم إني أسألك توفيق أهل الهدى وأعمال أهل اليقين ومناصحة أهل التوبة وعزم أهل الصبر وجد أهل الخشية وطلب أهل الرغبة وتعبد أهل الورع وعرفان أهل العلم حتى أخافك اللهم إني أسألك مخافة تحجزني عن معاصيك حتى أعمل بطاعتك عملا أستحق به رضاك وحتى أناصحك بالتوبة خوفا منك وحتى أخلص لك النصيحة حياء منك وحتى أتوكل عليك في الأمور كلها حسن ظن بك سبحان خالق النار انتهى من كتاب الكلم الطيب ، والعمل الصالح للسيوطي وفي رواية النور وينبغي أن المراد يقول ذلك مرة إن صلاها بإحرام واحد ومرتين إن صلى كل ركعتين بإحرام ع ش وفي الكردي عن الإيعاب مثله بلا عزو ( قوله : بعد القراءة ) أي قراءة الفاتحة ، والسورة نهاية ( قوله : وجلسة الاستراحة ) عبارة شرح الروض أي ، والنهاية ، والجلوس بعد رفعه من السجدة الثانية سم ( قوله : عند ابتدائها ) أي جلسة الاستراحة

                                                                                                                              ( قوله : ويجوز جعل الخمسة عشرة ) إلى قوله قال إلخ اقتصر المغني على هذه الكيفية وإلى التنبيه أقره ع ش ( قوله عشر جلسة الاستراحة ) أي للاستراحة أو التشهد ( قوله : ولو ترك تسبيح الركوع إلخ ) بقي ما لو ترك التسبيح كله أو بعضه ولم يتداركه هل تبطل به صلاته أو لا ، وإذا لم تبطل فهل يثاب عليها ثواب صلاة التسبيح أو النفل المطلق فيه نظر ، والأقرب أنه إن ترك بعض التسبيح حصل له أصل سنتها ، وإن ترك الكل وقعت نفلا مطلقا ع ش ( قوله : والأقرب الأول ) أي التخير وفيه توقف فكيف يجوز القول بخلاف ما صرح به الأصحاب ( قوله : والصلاة ) إلى قوله وبين ابن عبد السلام في النهاية ، والمغني ( قوله : المعروفة ليلة الرغائب ) وهي ثنتا عشرة ركعة بين المغرب والعشاء ليلة أول جمعة من رجب و ( قوله : ونصف شعبان ) وهي مائة ركعة مغني ( قوله : بدعة قبيحة إلخ ) وقد بالغ في المجموع في إنكارها ولا فرق بين صلاتها جماعة أو فرادى كما يصرح به كلام المصنف ومن زعم عدم الفرق في الأولى أي صلاة ليلة الرغائب وأن الثانية أي صلاة ليلة نصف شعبان تندب فرادى قطعا فقد وهم نهاية .




                                                                                                                              الخدمات العلمية