الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            أبواب صوم التطوع

                                                                                                                                            باب صوم ست من شوال

                                                                                                                                            1705 - ( عن أيوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال فذاك صيام الدهر } رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي ، ورواه أحمد من حديث جابر ) .

                                                                                                                                            1706 - ( وعن ثوبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { من صام رمضان وستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة ، من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها } رواه ابن ماجه )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            . حديث ثوبان أخرجه أيضا النسائي وأحمد والدارمي والبزار .

                                                                                                                                            وفي الباب عن جابر عند أحمد وعبد بن حميد والبزار وهو الذي أشار إليه المصنف ، وفي إسناده عمرو بن جابر وهو ضعيف ، كذا في مجمع الزوائد . وعن أبي هريرة عند البزار وأبي نعيم والطبراني ، وعن ابن عباس عند الطبراني في الأوسط . وعن البراء بن عازب عند الدارقطني . وقد [ ص: 282 ] استدل بأحاديث الباب على استحباب صوم ستة أيام من شوال ، وإليه ذهب الشافعي وأحمد وداود وغيرهم ، وبه قالت العترة . وقال أبو حنيفة ومالك : يكره صومها ، واستدلا على ذلك بأنه ربما ظن وجوبها وهو باطل لا يليق بعاقل فضلا عن عالم نصب مثله في مقابلة السنة الصحيحة الصريحة ، وأيضا يلزم مثل ذلك في سائر أنواع الصوم المرغب فيها ولا قائل به .

                                                                                                                                            واستدل مالك على الكراهة بما قال في الموطأ من أنه ما رأى أحدا من أهل العلم يصومها ، ولا يخفى أن الناس إذا تركوا العمل بسنة لم يكن تركهم دليلا ترد به السنة . قال النووي في شرح مسلم : قال أصحابنا : والأفضل أن تصام الست متوالية عقب يوم الفطر ، قال : فإن فرقها أو أخرها عن أوائل شوال إلى آخره حصلت فضيلة المتابعة لأنه يصدق أنه أتبعه ستا من شوال . قال : قال العلماء : وإنما كان ذلك كصيام الدهر لأن الحسنة بعشر أمثالها فرمضان بعشرة أشهر ، والستة بشهرين ، وقد جاء هذا في حديث مرفوع في كتاب النسائي قوله : ( ستا من شوال ) على صيغة المؤنث ، ولو قال سته بالهاء لكان صحيحا ; لأن المعدود المميز إذا كان غير مذكور لفظا جاز تذكير مميزه وتأنيثه ، يقال صمنا ستا وستة وخمسا وخمسة ، وإنما يلزم إثبات الهاء مع المذكر إذا كان مذكورا لفظا ، وحذفها مع المؤنث إذا كان كذلك ، وهذه قاعدة مسلوكة صرح بها أهل اللغة وأئمة الإعراب قوله : ( بعد الفطر ) أي بعد اليوم الذي يفطر فيه وهو يوم عيد الإفطار فيحمل المطلق على المقيد ، ويكون المراد بالست ثاني الفطر إلى آخر سابعه ، ولكنه يبقى النظر في البعدية المذكورة هل يلزم أن تكون متصلة بيوم الفطر بلا فاصل ، أو يجوز إطلاقها على كل يوم من أيام شوال لكونها بعد يوم الفطر وهكذا يقال في قوله : " ثم أتبعه ستا " لأن الاتباع يحتمل أن يكون بلا فاصل بين التابع والمتبوع إلا بما لا يصلح للصوم وهو يوم الفطر ، ويحتمل أن يجوز إطلاقه مع الفاصل وإن كثر مهما كان التابع في شوال .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية